بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2328)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
استأجرت محلّا لبيع الذهب والفضة والعملات الأجنبية، وتحويل الأموال داخليا وخارجيا، فما حكم المعاملات التالية:
الأولى: أخذ دينار أجرة على كل ألف دينار، عند التحويل الداخلي من سبها إلى طرابلس، فيأتي الزبائن إلى مكتبنا بسبها، ويدفعون إليه المبالغ التي يريدون إيصالها إلى طرابلس، فنعطي هنا في طرابلس للطرف الثاني المرسل إليه المبلغ مباشرة، وفي اليوم الثاني ننقل المبالغ إلى طرابلس تحت حماية أمنية مشددة، وربما اشترينا بهذه الأموال أو ببعضها بضاعة.
الثانية: بالنسبة للحوالات الخارجية ثمةَ طريقتان:
الأولى: يأتي الزبون ويقول: أريد ألف دولار في إسطنبول، مثلا؛ فنطلب منه أن يعطينا حالا ما يقابل الألف دولار بالعملة المحلية، ونعطيه رقما إشاريا لإثبات حقه في استلام الألف دولار من مكتبنا في إسطنبول، متى ما أراد، بنفسه أو بواسطة، علما بأننا نُرجع له ماله إذا تعذر سفره، وفي نحو ذلك من الأعذار.
الثانية: قد يكون الزبون شركة أجنبية، وتريد الحوالة في حسابها في بلد ما، فنأخذ منها هنا بالعملة المحلية، وعن طريق المصرف نحول المبلغ من حسابنا إلى المصرف الذي به حساب الشركة، وهذه المعاملة تتأخر كما تعلمون، وإن كان المبلغ يحسم من حسابنا ابتداءً لصالح العميل، بما يسمى بـ(السويفت)، علما بأنه إذا لم تتم المعاملة لسبب ما فإننا نرد للشركة مالها.
ثم هل يلحق المؤجرَ صاحبَ المحل إثـمٌ، إذا وُجِد خلل في معاملاتنا، مع أننا حريصون على تحري الحلال؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن التحويل بالعملة نفسها لا يصح أن يكون وسيلة للربح، فلا يجوز فيه أخذ أجرة زائدة عن التكلفة الفعلية التي يتكلفها من يتولى الحوالة مثل كلفة الاتصالات أو تأجير من يتولى حماية المال عند نقله، فلا يجوز أخذ شيء زائد على ذلك؛ لأنه يدخل في سلف جر نفعاً، واستبدال نقد بنقد من جنسه بزيادة، وهو من الربا المحرم؛ جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي ما نصه: “الحوالات التي تقدم مبالغها بعملة ما ويرغب طالبها تحويلها بنفس العملة جائزة شرعًا، سواء أكانت بدون مقابل أم بمقابل في حدود الأجر الفعلي” [القرار رقم 84 (9/1) (137/1)].
وأما الطريقتان المذكورتان في الحوالات الخارجية فلا تصحان؛ لأن هذه الحوالات هي من قبيل الصرف، وشرط صحة الصرف أن يحصل التقابض عند العقد دون تأخير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة)، إلى أن قال: (فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد)، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.
عليه؛ فلا يجوز لأحد أن يعطي عملة في بلد، ليأخذ عنها عملة أخرى في بلد آخر، إلا إذا كان عنده وكيل في البلد الآخر، يقبض العملة الأجنبية في مجلس العقد الذي دفع فيه العملة المحلية، أو يقوم الطرف الذي قبض العملة المحلية في المجلس وقت القبض بإعطاء أمر، تخصم بموجبه العملة المقابلة من حسابه على الفور، لصالح حساب الطرف الآخر، بحيث يكون هذا الخصم نهائيا، لا يمكن الرجوع فيه، ويتم التحويل من حسابه بموجب هذا الأمر في مجلس العقد، مثل ما يعرف بـ (online).
والصك المضمون “المصدق” المقبوض في المجلس، ينزل منزلة قبض العملة.
وأما بالنسبة لمؤجر المحل فلا حرج عليه، مادام قد أجره لمن يظن أنه سيتعامل بالحلال في بيعه وشرائه ومعاملاته، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
25/جمادى الآخرة/1436هـ
15/أبريل/2015م