بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4653)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
حصلت مشكلة مع زوجتي سنة 2015م، فذهَبَتْ إلى بيت أهلها، ثم اتصلتُ بها وقلت لها إنها طالق، وبعد خمسة أشهر رجعت إلى البيت؛ لأني عندما استفسرت عن الطلاق أُخبرت أنها طلقةٌ واحدةٌ، ولها الرجوعُ للبيت، وبعد ستِّ سنوات علمتُ أني لا أستطيع إرجاعَها إلّا بعقدٍ جديد؛ لأنها خرجتْ مِن العدة، فما حكم بقائي معها طيلة هذه السنوات الستّ؟ وماذا عليَّ أنْ أفعلَ الآن؟ علمًا أني لم أكن أعلمُ بوجوبِ العقدِ الجديد بعد الخروجِ مِن العدةِ، بل ظننتُ أنها طلقةٌ واحدةُ فيمكنني إرجاعها، وأننا لم نرزقْ بولدٍ في هذهِ المدة.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فيجوز للزوج إرجاع زوجته بلا عقدٍ ومهرٍ جديدينِ، ما دامت في العدة، وما لم تكنِ الطلقةُ ثالثةً، قال تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا) [البقرة:228]، وانقضاء العدة يكونُ بانتهاء الطهر الثالث، عند رؤيتها الدم من الحيضة الثالثة، إن طلقت في طهرٍ، والرابعة إن طلقت في حيض، قال الشيخ خليل رحمه الله: “(وَاعْتَدَّتْ بِطُهْرِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَحْظَةً، فَتَحِلُّ بِأَوَّلِ حَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، أَوِ الرَّابِعَةِ إنْ طَلُقَتْ بِكَحَيْضٍ” [مختصر خليل: 130].
فإن خرجتِ الزوجة من العدّة ولم يرجعها الزوج، فقد بانت منه بينونةً صغرى، ولا تحلّ له إلا بعقد جديدٍ وصداقٍ وشاهدين، قال القرطبي رحمه الله: “فَإِنْ لَمْ يُراجِعْهَا المطلِّقُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَهِيَ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا، وَتَصِيرُ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ، لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بِخطْبَةٍ وَنِكَاحٍ مُسْتَأْنَفٍ” [الجامع لأحكام القرآن: 5/448].
وعليه؛ فلا عبرة بمراجعتك زوجتكَ دون عقد، ومعاشرتك إياها منذ أن أرجعتها معاشرة محرّمة، يجب الكفّ عنها؛ لأنّها ليست زوجةً لك، ويُدرأُ عنك الحدّ للشبهةِ والجهلِ، قال الدسوقي رحمه الله: “وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْءِ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمَاتِ [ومنهن المطلقة طلاقا بائنا إذا خرجت من العدة فوطئها بلا عقد جديد] مَحلُّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَبِعَيْنِ الْمَوْطُوءَةِ وَأَمَّا إنْ جَهِلَ الْحُكْمَ أَوْ الْعَيْنَ فَلَا حَدَّ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: بِدَعْوَى جَهْلِهِ الْعَيْنَ أَوْ الْحُكْمَ بِشَرْطِ أَنْ يُظَنَّ بِهِ ذَلِكَ الْجَهْلُ” [حاشية الدسوقي: 4/ 317،316]، وإذا أردت البقاء معها فلابدّ أن تستبرئها – أي تكفّ عن معاشرتها – لمدة ثلاث حيضات، ثم تجدّد العقد عليها إن شئتَ بصداقٍ ووليٍّ وشاهدين، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي امحمد الجمل
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18//صفر//1443هـ
27//09//2021م