بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4700)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تعرضتُ للسِّحر منذ بداية زواجي، حيث أصبحتْ حياتي مضطربةً، ولا أطيقُ زوجتي دون أي سببٍ، مع أنها كانت صالحةً، ولم تفعل أي شيءٍ يستلزم الطلاقَ، فطلقتها المرة الأولى، وراجعتها في نفس اليوم، وبعدها بأشهر طلقتها الثانية، ثم راجعتها، واستمررتُ على نفس الوضع المضطرب، لا أطيق البقاء معها، بدون سبب، عرضتُ نفسي للرقية ولكن دون جدوى، ولم يتحسن وضعي، وأحيانًا تصدر مني تصرفات غير طبيعية، حيث أجد نفسي ليلًا جالسًا أمام دورة المياه، دون وعي مني، حتى النوم الطبيعي لم أستطعه لمدة سنة وتسعة أشهر، وانتهى الأمر بأنْ طلقت زوجتي للمرة الثالثة، دون أي سبب، ولم أعرف كيف ولمَ فعلت ذلكَ، وكان وضعي غير طبيعي، وكان هذا الطلاق الأخير في سنة 2014م، والآن استقر حالي وتعافيتُ، وأريد إرجاع زوجتي، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكر، وكان السائل وقت وقوع الطلاق مسلوب الإرادةِ، بحيث لا يدري ما يقول، أو وجدَ نفسه مجبرًا على التلفظ بلفظِ الطلاق بسببِ السحر، فإنّه لا يقعُ منه الطلاق، ويكون حينئذ في حكم المكرَهِ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ وَضَعَ عَن أُمَّتِى الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ)[ابن حبان: 7219]، وفي المدونة: “قُلْتُ: أَرَأَيْتَ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ وَمُخَالَعَتَهُ، قَالَ مَالِكٌ: لاَ يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ، فَمُخَالَعَتُهُ مِثْلُ ذَلِكَ عِندِي” [المدونة: 2/79]، وهذا في المسحور الذي جعله السحر مسلوب الإرادة، بخلاف المسحور الذي لم تصل حالته إلى هذا الحد، وبخلاف العاقل المختار الذي لم يفقد الإدراك، فهذان محاسبان على أقوالهما وأفعالهما.
وعليه فإن كان السائل وقت إيقاع الطلاق الأخير مسلوب الإرادة تحت وطأة السحر -كما ذكر- فطلاقه غير واقع، وله أن يسترد زوجته بعقد جديد، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
02//ربيع الآخر//1443هـ
07//11//2021م