ما حكم التوقيع على اتفاقية (سيداو)؟
المخالفات الشرعية في اتفاقية (سيداو)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4726)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
ما حكم التوقيع على اتفاقية (سيداو)، التي تدعو إلى المساواة التامة بين الرجل والمرأة، مثل مشاركة المرأة للرجل في حقّ الطلاق، والتساوي في الميراث؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالتوقيعُ على اتفاقية (سيداو) وما شابَهَها، ممّا يصدرُ عن الأمم المتحدة من اتفاقياتٍ بشأن المرأةِ، مخالفٌ لقطعيّاتِ الشريعةِ الإسلامية فيما يتعلقُ بالأسرةِ؛ فإن الشريعة الإسلامية تقوم أحكامها في هذا الجانب على الزواجِ وحفظ الأنسابِ، واحترامِ الخصوصياتِ، والوظائفِ المُودَعةِ في خِلقةِ كلٍّ من الرجلِ والمرأة، وهذه الاتفاقية – وما شابهها – تطالبُ بالتسوية الكاملة بين الرجلِ والمرأةِ، وبما يسمونه القضاء على العنفِ ضدّ المرأة القائمِ على الجنسِ، فتعدُّ كلّ تقييدٍ أو تفريقٍ بين الرّجلِ والمرأة، على أنهما رجل أو امرأة، نوعًا من أنواع التمييزِ المحْظور.
والعمل بهذه الاتفاقية يؤدّي إلى إبطال كثيرٍ من قطعيات الشريعة، الخاصةِ بالمرأةِ، فيما يتعلقُ بالعدّةِ والنفقةِ والقوامةِ والطاعةِ والرضاعِ والحملِ؛ وفي ذلكَ كلّه آياتٌ مِن القرآن الكريم، ويؤدّي -كذلك- إلى إبطالِ العمل بالآياتِ الآمرة بالحجابِ والسترِ والمواريثِ، وما تُقبلُ فيه شهادةُ المرأةِ وما لا تقبل، ونحو ذلك مما ورد في السنةِ المحذرةِ من التبرّجِ، وإبداءِ الزينةِ غير الظاهرةِ، واختلاطِ المتبرجاتِ بالرجالِ في حفلاتِ الغناءِ، وغيرِ ذلك من الأحكام المجمَعِ عليها، التي تختصُّ بالمرأةِ؛ صونًا لها، ووقوفًا عند حدودِ الله.
ومعلومٌ أن أيّ اتفاقيةٍ تتضمنُ إبطالَ آياتِ القرآن ومخالفةَ الأحكامِ القطعيةِ المعلومةِ مِن الدينِ بالضرورةِ، لا يحلُّ لمسلمٍ أن يسكتَ عنها، فضلًا عن إقرارِها والدعوةِ إليها، قالَ اللهُ تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء:64]، وقال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب: 36].
وقد أعلمتْ دارُ الإفتاء الجهات المسؤولة في الدولة، بحرمة الإقدام على توقيع مثل هذه المذكرات الدولية، وطلبت منهم أن يعلنوا انسحابهم منها، ويلغوا كل ما ترتب عليها من تدخل في الأحكام القضائية أو تغيير مواد القانون الخاصة بالأمومة والطفولة والصحة الإنجابية وغير ذلك، فإنها ألفاظ ظاهرها الرحمة وباطنها من قبلها العذاب، فالحذر الحذر منها، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن حسين قدوع
حسن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
30//ربيع الآخر//1443هـ
05//12//2021م