بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4812)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
جاء في وثيقة دين: “أنا الموقع أدناه ع م خ أقر وأشهد على نفسي بأني مدين بمبلغ قدره 20,000 د.ل فقط لا غير، وذلك للأخ س م خ، ومستعد لسداد الدين له أو لورثته من بعده خلال سنة، وقدمت له رهنية مقابل المبلغ وهي قطعة أرض وما عليها من عقار وشجر… ولا تبرأ الذمة منه إلا بإيصال كتاب موقع من الدائن أو ورثته”، فهل يحق للمرتهن أن يضع يده على الأرض ويتملكها وما بها من عقار، استنادًا على هذه الوثيقة؟ علمًا أن المرتهن لم يحز الأرض وما عليها من عقار، وقد توفي المدين بعد انتهاء أجل الدين بعام، ولم يسدد الدين، ولم تقسم تركته إلى الآن.
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن حيازة المرتهن للرهن شرطٌ لاختصاصه به دون سائر الغرماء عند موت الراهن أو إفلاسه؛ لقول الله تعالى: ﴿فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ﴾ [البقرة: 283]، فإن تأخر القبض إلى أن مات الراهن أو أفلس بطل الرهن، قال عليش رحمه الله: “(وَ) بَطَلَ الرَّهْنُ (بِمَوْتِ رَاهِنِهِ) قَبْلَ حَوْزِهِ (أَوْ فَلَسِهِ) أَيْ قِيَامِ غُرَمَاءِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ (قَبْلَ حَوْزِهِ) أَيِ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ إنْ تَرَاخَى فِي حَوْزِهِ وَلَمْ يَجِدَّ فِيهِ، بَلْ (وَلَوْ جَدَّ) الْمُرْتَهِنُ (فِيهِ) أَيْ حَوْزِ الرَّهْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ” [منح الجليل: 5/442].
وعليه؛ فإن الرهن باطلٌ، ولا يجوز للمرتهن أن يختص بالأرض وما عليها من عقار، بل يرجع على التركة؛ لكونه غريمًا للميت ودائنًا له، فيقدم دينه على قسمة التركة؛ لأنه من الحقوق المقدمة على الإرث، لقول الله تعالى في أنصبة المواريث (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [النساء:11]،وقال خليل رحمه الله: “يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالْمَرْهُونِ … ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ ثُمَّ وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ” [المختصر: 260]، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
17//شعبان//1443هـ
20//03//2022م