بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3823)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
قام والدنا بإعداد وثيقة قسمة لأملاكه على أبنائه الأربعة قبل سفره وهم صغار، وجعل الأمّ وصية عليهم، وحازت لهم بالتصرف في الأرض، ثم رجع بعد سنوات وتصرف في أملاكه، وازداد له أبناء، ولم يتعرض للقسمة – فيما نعلم – بإبقاء ولا إلغاء، فهل القسمة صحيحة وباقية؟ وهل يدخل فيها باقي الأبناء؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الحال ما ذكر، فإن القسمة المذكورة هبة صحيحة ونافذة شرعًا؛ لحصول الحيازة من قبل الأم للأبناء الموهوب لهم في حياة الواهب، فقد نَحَلَ أَبُوبَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه ابْنَتَهُ عَائِشَةَ كعِشْرِينَ وَسَقًا بِالغَابَةِ، وَاخْتَصَّهَا بِهَا دُونَ أُخْتَيْهَا … الحديث كما في [الموطأ :436]، ويختص بها من تمت القسمة عليهم، دون من ازداد بعدها، وأما تصرف الأب في أملاكه بعد رجوعه فلا ينقض القسمة، ولا يعدّ رجوعا في الهبة واعتصارا؛ لأن من شرط الاعتصار الصيغة، بأن يكون بلفظ دال عليها، ويثبت بإقرار، أو إشهاد، قال التّسولي رحمه الله في تصرف الأب فيما وهبه لأبنائه: “فإِذَا لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الاعْتِصَارَ لَمْ يَكُنْ اعْتِصَاراً إِذْ لاَ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ عَنْ مَالِكِهِ بِأَمْرٍ يُحْتَمَلُ” [البهجة:2/ 409]، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//رجب//1440هـ
11//03//2019م