بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3852)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
وردَ في حجةِ بيعٍ؛ أنّ امرأةً باعتْ نصيبها مِن تركة زوجها الأولِ وهو الثمن، ونصيبَها مِن تركة ابنيها منه وهو السدسُ مِن كلٍّ منهما، وباعتْ نصيبَ ابنها من زوجها الأول الكافلة له، وهو النصفُ مع أخيه مِن تركة أخويهما الأشقاء، وباعَ زوجُها الثاني نصيَب ابنتهما وابنهما مِن تركة أخويهما للأم وهو الثلث، ونصَّ في الحجة أنّ البيعَ لنصيبِ المكفول كان لشدةِ الحاجةِ للنفقةِ والكسوةِ، فما صحةُ بيع هذه المرأة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، فإن البيعَ المذكور هو مِن بيعِ المشاعِ، وحكمُه الجواز، قال الدردير رحمه الله: “وَصَحَّ (مُشَاعٌ) أَيْ رَهْنُهُ مِنْ عَقَارٍ وَعَرْضٍ وَحَيَوَانٍ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَوَقْفُهُ” [الشرح الكبير: 235/3]، أما بيع نصيب الابن المكفول، فلا يجوز بيع عقار اليتيم إلا لوجوه، ومنها الحاجة، قال الدردير رحمه الله: “(وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ) أَيْ الْيَتِيمِ الَّذِي لَا وَصِيَّ لَهُ وَبَاعَ الْحَاكِمُ بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ لَهُ وَصِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ (لِحَاجَةٍ) كَنَفَقَةٍ أَوْ وَفَاءِ دَيْنٍ لَا قَضَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهِ”[الشرح الكبير:303/3]، وعلّق الدسوقي رحمه الله قائلا: “وَقَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ الْآخَرَ يَقُولُ إنَّ الْوَصِيَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لِغَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ عَقَارَ الْيَتِيمِ إلَّا لِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ اتِّفَاقًا” [حاشية الدسوقي: 303/3]، وأما بيع زوجها الثاني نصيب ابنتهما وابنهما فجائز؛ لأنّ الأب وليٌّ، وله بيع مال ابنه المحجور عليه للصغر ولو بلا وجهٍ، خلافًا للوصي، قال الدردير رحمه الله: “(وَالْوَلِيُّ) عَلَى الْمَحْجُورِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ السَّفَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ (الْأَبُ) الرَّشِيدُ لَا الْجَدُّ وَالْأَخُ وَالْعَمُّ إلَّا بِإِيصَاءٍ مِنْ الْأَبِ (وَلَهُ الْبَيْعُ) لِمَالِ وَلَدِهِ الْمَحْجُورِ لَهُ (مُطْلَقًا) رَبْعًا أَوْ غَيْرَهُ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ) أَيْ الْبَيْعِ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ مِمَّا يَأْتِي لِحَمْلِهِ عَلَى السَّدَادِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ” [الشرح الكبير:299/3].
عليه؛ فإن البيع صحيحٌ لجوازِ بيعِ المشاع، وتحقق وجهٍ من وجوهِ جواز بيع عقار اليتيم، في بيع المرأة نصيبَ ابنَها الكافلة له، وكون الزوج الثاني وليًّا لابنتهما وابنهما، فله البيعُ وإن لم يذكر سببه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18//رجب//1440هـ
25//03//2019م