بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (3937)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
كلمت والد زوجتي في الهاتف، وقلت له: (لو ما تجيبش ولدي نشوفه ابنتك طالق)، وكنت قاصدًا الردع والتخويف، ولم أقصد بها الطلاق، وهي المرة الثانية التي أطلق فيها، وبعدها أوقعت الثالثة بقولي لوالدها: (زوجتي طالق)، فهل الطلقة الثانية محتسبة شرعًا أم لا؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإنّ الطلاق المعلق على شيءٍ يقعُ إذا وقع المعلَّق عليه، عند جماهير أهل العلم، من المذاهب الأربعة وغيرها؛ لما جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ، فَقَدْ بَتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ” [البخاري: 7/45]، ويلزم الطلاق بمجرد النطق باللفظ الصريح، ولو نويت به غير الطلاق، قال التسولي رحمه الله: “اعْلَمْ أَنَّهُ فِي الصَّرِيحِ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ وَلَو مُسْتَفْتِياً، وَكَذَا فِي الْكِنَايَة الظَّاهِرَةِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا قَصْدُ النُّطْقِ بِذَلِكَ اللَّفْظِ، وَإِن لَمْ يَقْصِدْ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ” [البهجة شرح التحفة: 1/560].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، فالطلاق الثاني واقع، وقد استنفد السائل الطلقات الثلاث، وبانت منه المرأة بينونة كبرى، ولا تحل لك حتى تنكح زوجاً غيره نكاح رغبة، ثم يطلقها، أو يموت عنها؛ لقول الله جل وعلا: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ﴾ [البقرة: 228]، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وَأَجْمَعُوا أَنَّ مَن طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا، فَإِن طَلَّقَهَا الثَّالِثَةَ، لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ” [الاستذكار: 18/158]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
حسن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
20/ذو القعدة/1440هـ
22/07/2019م