توضيح بخصوص فتوى دار الإفتاء الليبية رقم (4865)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[توضيح بخصوص فتوى دار الإفتاء الليبية رقم (4865)]
[توضيح بخصوص فتوى دار الإفتاء رقم (4865) حول تحريم نقل العملة الأجنبية خارج البلد من ليبيا إلى تركيا عن طريق توزيعها على المسافرين وفق السقف المحدد قانونا لكل مسافر وإعطائهم أجرة مقابل ذلك]
تواصل مع الدار بعض المهتمين بالشأن الاقتصادي وبعض التجار، وبينوا أن مستند الحكم الذي ورد في الفتوى المشار إليها، وهو الإضرار باقتصاد البلاد باستنزاف احتياطاتها من العملة الأجنبية، والتسبب في ارتفاع سعر الصرف، والتضخم وغلاء الأسعار، ينطبق على البلدان التي تعيش أوضاعا طبيعية، ويتم فيها تطبيق القوانين الخاصة باستيراد السلع بصورة منتظمة، والواقع المشاهَد في بلادنا يخالفه، حيث يلاحظ انخفاض سعر الصرف عند نقل العملة الأجنبية إلى تركيا، الذي يترتب عليه انخفاض الأسعار داخل البلد، وهذا بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وتستدعي تمكن التجار من الحصول على العملة بصورة التهريب الواردة في السؤال؛ لأن التحويل القانوني الذي هو من حقهم ممنوع بمقتضى الإجراءات التي فرضتها المؤسسات المالية في البلد، وهذا ربما يستدعي إعادة النظر في الفتوى.
عليه؛ فإن الدار تؤكد أن الحكم الذي جاء في الفتوى السابقة ينطبق على الوضع الطبيعي الذي يكون فيه باب الاستيراد مفتوحا ومنظما، فيتمكن فيه التجار من تحويل العملات لاستيراد البضائع دون عوائق تؤثر على ارتفاع الأسعار واضطرار الناس للُّجوء إلى التهريب، أمّا مع وجود العوائق المتعلقة بالإذن في الاستيراد، فلا يتمكن التاجر الذي يريد استيراد الأدوية والأغذية للسوق الليبي من الحصول على اعتمادات مستندية إلا بدفع المال الحرام، وهو الرشوة أو بالوساطات، فينحصر الحصول على الاعتمادات على كبار التجار ومن له علاقات ومعارف، أو على أناس يُحوّلون الأموال ولا يدخلون السلع أصلا، فيجوز في هذه الحالة الاستثنائية – رفعا للحرج على الناس في غلاء الأسعار عليهم أو اختفاء السلع من الأسواق- لمن لا يتمكن من الحصول على الاعتمادات من التجار إخراج العملة بالطريقة المذكورة للضرورة حتى يتمكن من دفع أثمان البضائع؛ لما فيه من التخفيف على المواطن بتوفر السلع بالأسعار المقدور عليها، وتتحمل الجهات المختصة في الدولة كمصرف ليبيا المركزي ووزارة الاقتصاد والتجارة وكل من له علاقة بالسياسة المالية التي أدت إلى هذا التهريب مسؤولية تقصيرها في إيجاد الحلول وإزاحة العراقيل أمام التجار وتنظيم عملية الاستيراد ومراقبته، قال النبي صلى الله عليه وسلم في تحميل المسؤولية لكل من يتولى أمرا من أمور المسلمين: (فَالْإِمَامُ رَاعٍ -وَفِي لَفْظٍ فَالْأَمِيرُ رَاعٍ- وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ…فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) [البخاري:2409، أحمد:5901]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ وَالٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لَهُمْ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) [البخاري:7151]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//ذي الحجة//1443هـ
03//07//2022م