بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2456)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
بيت قديم، اشتهر لدينا أن نصفه إلا قيراطا لجدي (م)، والباقي لابن أخيه (ع)، ولم نجد وثائق تخص البيت إلا باللغة الإيطالية، وبترجمتها وجدنا في وثيقة مؤرخة في 1919م، أن البيت مسجل باسمهما وسبعة آخرين، وفي وثيقة أخرى مؤرخة في 1934م أنه مسجل باسم جدي فقط، كما في الوثائق المترجمة المرفقة مع هذا السؤال.
أولا: هل يكفي هذا التسجيل في الدلالة على انفراد جدي بملكية هذا البيت؟ أم أن المعتبر ما جاء في الوثيقة الأولى؟ أم أن المعتبر ما اشتهر لدينا؟ علما بأن ورثة (ع) المذكور لم يعلموا بملكية مورثهم نصف البيت إلا بإخبارنا، وكذلك ورثة السبعة الآخرين المذكورين في الوثيقة الأولى، لا علم عندهم بما في الوثيقة، ولم ينازعوا.
ثانيا: هذا المنزل كانت تقطنه جدتي وابنتها (ش) (عمتي)، التي كانت متفرغة لخدمة أمها، وبعد وفاة الأم أخذت الابنة ذهبها برضا جميع الورثة، وبَنَتْ به غرفة في المنزل لاستقبال الضيوف، فهل لورثة (ش) اقتطاع ثمن الغرفة قبل قسمة البيت على الورثة؟
ثالثا: كانت عمتي (ش) إذا غضبت تقول: “ارحم عظام (ع)”، تقصد (ع)؛ لأنها كانت تظن أن له نصف البيت مع أبيها، وكانت بناته دائما يقلن لها: “البيت لكِ”، فهل يعتبر قولهن هذا تنازلا لعمتي عن نصيبهن في البيت، إذا ثبت أن لأبيهن حقًّا في البيت؟
رابعا: بعد وفاة عمتي (ش) تكلم والدي مع ورثة (ع)، بشأن بيع المنزل، فأبلغوه أنهم متنازلون له عن حصصهم في البيت، بشرط أن يعطي جزءا منه لشقيقته (س)، وأحد الأقارب غير الوارثين (شخص معين)، فهل يعتد بتنازل البنات لأبي، إذا اعتبرنا قولهن سابقا لعمتي (ش): “البيت لكِ ” تنازلا؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، فإن الظاهر أن البيت ملك لجدك (م)؛ لأن البيت سجل باسمه وحده دون من كانوا معه، وبقي في حوزة وتصرف ورثته دون سواهم وبلا منازع سنين طويلة، تجاوزت أربعين سنة.
وعليه؛ فلا أثر لقول بنات (ع) لعمتك (ش): “البيت لكِ”، إذا اعتبرناه هبة، مع أنه ليس صريحا في ذلك، وكذلك الحال لتنازل مَن تَنازل لأبيك.
وأما ثمن الغرفة التي بنتها عمتك (ش) بمالها، فيجوز لورثتها اقتطاع قيمتها قائمة قبل قسمة البيت على الورثة؛ قال القرافي رحمه الله: “قال مالك: كل من بنى بإذنك أو علمك فلم تمنعه، ولا أنكرت عليه، فله قيمته قائما كالباني بشبهة، وكذلك المتكاري أرضا أو منحها أو بنى في أرض امرأته وأراضي بينه وبين شركائه بعلمهم فلم يمنعوه، والباني بغير إذن ولا علم، له القيمة مقلوعا” [الذخيرة:213/6]، وتقدر القيمة يوم قسمة التركة أو بيع البيت، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
غيث محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
19/رمضان/1436هـ
06/يوليو/2015م