حبس على الذكور دون الإناث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4894)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
لدينا قطعة أرض بطرابلس معلومة الحدود، باسم جدنا غ، وبحوزتنا حجتان، الأولى ذكر فيها أن الأرض حبس مؤبد على ابنيه ع وخ، وإن انقرض صلب غ من الذكور، يرجع الحبس إلى المساجد والفقراء، وحررت بتاريخ: 1270 هجري من شهر ذي القعدة، والحُجّة الأخرى ذكر فيها أن غ أهدى إلى ابنيه الاثنين ع وخ الأرض المشار إليها سابقًا، وجاء فيها: “هذا ملك من أملاك غ أهداه إلى أبنائه الاثنين (ع و خ) بتاريخ 1285، وهذا الإهداء يتصرفون فيه كيف شاؤوا، متى شاؤوا تصرف المالك في أملاكه، وموضع هذا الإهداء خال من جميع المفسدات، وصح حبسا من أحباس المسلمين بقدم أحباسهم كما أوجب به الكتاب والسنة والإجماع والعقيدة إلى يوم يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين”، وقد توفي المالك غ المذكور، وخلف من بعده أربعة أولاد وأربعًا من البنات، حسب الفريضة الشرعية في ذلك الوقت، فهل يرث جميع أبنائه من الأرض المذكورة في الحجتين، أم يختص بها ابناه ع و خ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الحُجّتين تتضمّنان أن الأرض المشار إليها في السؤال حبسٌ على الذكور دون الإناث؛ للتصريح بالتحبيس على ابنيه وعقبهم في الوثيقة الأولى، ولقوله في الوثيقة الثانية: “وصح حبسا من أحباس المسلمين… إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”، وعلى فرض أن المقصود بالوثيقة الثانية الهبة والتمليك، فلا عبرة بها؛ لتقدم التحبيس عليها في سنة 1270ه، والحبس على الذكور دون الإناث باطلٌ من تاريخ صدور قانون 1973م، الذي نص على بطلان الوقف إذا كان على الذكور دون الإناث، بناء على فتوى المفتي السابق الشيخ الطاهر الزاوي رحمه الله، وجاء في قرار مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لدار الإفتاء رقم (2) لسنة 1435هــ 2014م: “بُطْلَانُ مَا كَانَ مِنْهُ قَبْلَ صُدُورِ قَانونِ الإِلْغَاءِ وَلَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِصِحّتِهِ، وَتَتِمُّ قِسْمَةُ مَا حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ عَلَى الجِذْرِ المَوْجُودِ مِنَ الذُّكورِ وَالإِنَاثِ، عِنْدَ صُدورِ قَانونِ إِلْغَاءِ التّحبِيسِ المَذْكورِ، عَامَ 1973م، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَلِوَرَثَتِهِ ذُكورًا وَإِناثًا”.
وعليه؛ فيقسم الحبس المذكور -المُفْتَى ببطلانه- على الذكور والإناث، الموجودين وقت تاريخ صدور القانون سنة 1973م، بحسب الفريضةِ الشرعيةِ، ويعد المحبِّسُ كأنّه مات في ذلك الوقت، فمن وجد من الورثة في هذا التاريخ يقسم عليهم ذكورًا وإناثًا، ومن استحقّ شيئا فله التصرف في نصيبه بالبيع والهبة، ومن مات أصله قبل سنة 1973م، وكان هذا الأصلُ أنثى؛ فإنه لا يرثُ، ولا يدخل في القسمة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//ذي الحجة//1443هـ
03//07//2022م