بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (4895)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي والد زوجتي، وترك منزلًا شعبيًّا، استأجره من مديرية الإسكان والمرافق بطرابلس، سنة 1973م، كما بعقد الإيجار المرفق، ومدته سنة قابل للتجديد، ومن بنوده: (ألا يخصص أو يؤجر من الباطن المحلّ ولا أن يتنازل عن حيازته… دون الحصول على إذن كتابي من المؤجر)، فقام الإخوة بالتنازل لإحدى أخواتهم عن حقهم في العقار، علما أنهم لم يتخذوا أي إجراء قانوني مع الجهة المستأجر منها، وأن المستأجر لم يجدد العقد، ولم يكن يدفع قيمة الإيجار، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالمنزل المذكور من الأملاك العامة، التي ترجع للدولة، ولا يجوز فيها التصرف بالباطن، كما نص بعقد الإيجار، إلّا بموافقة الجهة المالكة، والمستأجر في السؤال هو والدكم، وهو المستحق للانتفاع، وبعد وفاته الظاهرُ استمرار العقد لورثته، إلّا أن تفسخ الجهة المانحة العقد، أو تعطيَ المنفعة لغيرهم، عملا بالإذن العرفي في ذلك، قال الدردير رحمه الله في معرض كلامه عن إقطاع السلطان الأرض للفلاحين: “… يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ أَوَ نَائِبِهِ أَنْ يَمْنَعَ الْوَرَثَةَ مِنْ وَضْعِ يَدِهِمْ عَلَيْهَا وَيُعْطِيهَا لِمَنْ يَشَاءُ، وَقَدْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ فَتْحِ بَابٍ يُؤَدِّي إلَى الْهَرْجِ وَالْفَسَادِ؛ وَلِأَنَّ لِمُوَرِّثِهِمْ نَوْعَ اسْتِحْقَاقٍ، وَأَيْضًا الْعَادَةُ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ السَّلَاطِينِ الْمُتَقَدِّمِينَ: بِأَنَّ كُلَّ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ أَوْ لِأَوْلَادِهِ الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْمَصْلَحَةِ، نَعَمْ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَالْأَمْرُ لِلْمُلْتَزِمِ” [الشرح الكبير على مختصر خليل: 2/189]، فإذا رغب الورثة في الاستمرار في العقد، فعليهم أن يسددوا ديون الإيجارات التي على مورثهم، كما أن الواجب إبلاغ الجهة المختصة، وهي وزارة الإسكان والمرافق، وإطلاعها على ما حصلَ بين الورثة، من تنازل بعض الورثة عن حقهم في الانتفاع لبعض؛ لأن التصرفات التي حصلت لا تكتسبُ الصفةَ الشرعيةَ إلا بإذن الجهة المذكورة، والله أعلم.
وصلَّى الله على سيّدنا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الرحمن بن حسين قدوع
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//ذي الحجة//1443هـ
03//07//2022م