بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2481)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أوصى والدي بأن يكون المنزل الذي يملكه في مدينة طرابلس وقفًا على جمعية الأيتام، ولم يُعين له ناظرًا، فاتَّفق إخوتي على تعييني ناظرا على هذا الوقف، فقبلت؛ وأجّرتُ البيت لعائلتين، ودفعتُ المال إلى جمعية الأيتام؛ كما أراد الواقف، وبعد مدة أراد أحد الإخوة السكن في هذا البيت، وإخراج المقيمين منه، بأن يدفع أُجرة عن مدة إقامته تقل عن الأجرة القائمة، وعن أجرة المثل، فرفضتُ هذا لمصلحة الوقف، فطلبوا مني التنحي عن نظارة الوقف، فهل يجوز استئجار البيت لأخي ولو بمبلغ يقل عن أجرة المثل، ويكون هو نفسه الناظر عليه؟ وهل لهم استبدالي بناظر آخر؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجوز لناظر الوقف أن يستثمره بمقابلٍ لنفسه، أو لأحد أقاربه؛ لما في ذلك من تهمة المحاباة، ولأنه بمنزلة الوكيل ونحوه، ممن لا يتصرف لنفسه إلا بإذن، فإن تعدى وفعل تعقبه القاضي، فيمضي ما كان صوابًا، ويردُّ غير الصواب، قال ابن مرزوق رحمه الله: “وحيث تكون له أجرة المثل، فالذي يمكنه منها، وينظر في تقديرها، الإمام الأعظم، أو نائبه، أو قاضي الجماعة، ولا يتولى ذلك الناظر بنفسه؛ لأنه كالوكيل والوصي وشبههما، ممن لا يشتري من نفسه، ولا يبيع منه، ولا ممن يتنزل منزلته من أقاربه وغيرهم، فإن فعل تعقبه الحاكم بالنظر، فيُـمضي الصوابَ، ويرد غيره” [المعيار:379/7]، وله أن يؤجره بأجرة المثل أو فوقها، لا دونها، قال القرافي رحمه الله: ” وعلى الناظر في هذا الوقف أن يؤجره لمن شاء من طويل المدة وقصيرها، بما يراه من الأجرة المعجلة أو المؤجلة، بأجرة المثل فما فوقها” [الذخيرة:423/10]، ولا يحق عزل الناظر ولا استبداله إلا من قبل الواقف أو القاضي، أو من ينوب عنه من وزارة الأوقاف، إن ثبت تقصيره وتفريطه في استغلال وصيانة الوقف، وإن خشيتَ ضياعَ الوقف أو ريعه، فالواجب عليك رفع أمرك إلى القاضي؛ لحفظ الوقف وعدم ضياعه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد الهادي كريدان
غــيث بــن محمــود الفــاخـــري
نائب مفتي عام ليبيا
19/شوال/1436هـ
04/أغسطس/2015م