بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5007)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
هل يجوز للأب أن يبيع لأحد أبنائه؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه يجوز للأب أن يبيع لأحد أبنائه، وبيعُه صحيحٌ إذا كان مستوفيا للشروط والأركان، وقد اختلف العلماء في بيع الأب لولده بيعَ محاباة، وله أولادٌ غيرُه، والمعتمد صحة البيع، ويجري على القدر المحابَى به حكمُ الهبة، في الافتقار إلى الحوز قبل حصول المانع، فإن لم يتمَّ الحوزُ حتى حصل مانع، من فلسٍ أو موتٍ أو مرضٍ مخوفٍ متصلٍ بالموت؛ فقد بطل القدرُ المحابَى به، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلاَ تَتِمُّ هِبَةٌ وَلاَ صَدَقَةٌ وَلاَ حُبُسٌ إِلاَّ بِالْحِيازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة: 117].
والحيازةُ في العقار تكون بتخليته وخروج مالكِهِ منه، فإذا باعَ رجلٌ بمائة ما يساوِي مائتين ولم يُحَزْ عنه حتى مات؛ كان للمشتري نصفُ المبيع فقط، وبطل النصفُ الآخر، أما إن حازَ المشتري المبيعَ حوزًا تامًّا فينتقل ملكه إليه ويختص به، قال التسولي رحمه الله: “وَالَّذِي… عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضاً أَنَّهُ يَكُونُ لَهُ مِنَ الْمَبِيعِ بِقَدْرِ مَا دَفَعَ مِنَ الثَّمَنِ، وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ فِي الْوَارِثِ، وَيَكُونُ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ، هَذَا كُلُّهُ إِذَا لَمْ يَحُزْهُ حَتَّى مَاتَ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا إِنْ حَازَهُ المُشْتَرِي فِي الصِّحَّةِ حَوْزاً تَامّاً فَيَخْتَصُّ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، لَا إِنْ حَازَهُ فِي الْمَرَضِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحُزْهُ حَتَّى مَاتَ” [البهجة في شرح التحفة: 135/2]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
29//ربيع الأول//1444هـ
25//10//2022م