هل يصح تغريس الجد لأبناء ابنه المتوفى؟ وهل هو من قبيل الوصية؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5185)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي أخي سنة 2001م، فغرَّس أبي أولادَه، وكان أعطى أخي مالاً ليشتري سيارةً سنة 1997م، ففعل، ولا تزالُ باقية حتى الآن، فما حكم هذا التغريس؟ وهل تعدّ السيارة ملكًا لورثةِ أخي؟ علما أنّ أبي توفي سنة 2023م.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ تغريسَ أولادِ الابنِ المتوفّى من قبيل الوصية، والوصيةُ لغير الورثةِ صحيحةٌ، نافذة بعد وفاة الموصي في حدودِ ثلثِ تركته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه في الوصية: (الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) [البخاري: 2592]، وما زاد عن الثلث يكون موقوفًا على إجازةِ الورثةِ، وهو ابتداءُ عطية منهم إنْ أجازوه، فإن كان أولادُ الابن المتوفى ذكورًا وإناثًا؛ فيقتسمونه للذكر مثل حظ الأنثيين، قال التاودي بن سودة رحمه الله: “إِذَا قَالَ الرَّجُلُ الَّذِي مَاتَ وَلَدُهُ وَلَهُ أَوْلَادٌ غَيْرُهُ: أَوْلَادُ وَلَدِي بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ، وَأَوْصَى بِذَلِكَ، وَمَاتَ، وَكَانَ لِلْوَلَدِ الْهَالِكِ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ مَا يَجِبُ لأَبِيهِمْ لَوْ كَانَ حَيًّا إِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ، يَقْتَسِمُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ” [حاشية الرهوني: 233/8]، وأما تمليك المال كالسيارة ونحوها دون عوض فهو هبة، وشرطُ الهبة الحيازة قبل حصول مانعٍ للواهب، من فلس أو موت أو مرض مخوف متصلٍ بالموتِ، قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: “وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلَّا بِالْحِيَازَةِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ فَهْيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة: 117].
وعليه؛ فإنّ هذا التغريس صحيح، وهو وصية لزم تنفيذُها بوفاة أبيك المُغَرِّس، في حدودِ ثلثِ تركتهِ، وأما بذلُ أبيكَ ثمنَ السيارة لأخيكَ دون عوض؛ فهو هبةٌ صحتْ بالحيازة، وتعدُّ السيارة مع سائر أموال أخيك ميراثًا، يقتسمه ورثته أبناؤه وغيرهم الذين توفي عنهم سنة 2001م، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
01//ذو القعدة//1444هـ
21//05//2023م