بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5117)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
اتصل رجلٌ بعديله، وقال له: (لو تعشَّتْ زوجتي عندكم فهي طالق بالثلاث)، لكن الزوجة لم تعلم بما تلفَّظ به الزوج، فتناولتْ وجبةَ العشاء في بيت أختها، فهل الطلاقُ واقعٌ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالطلاقُ المعلّق على شيءٍ، كالخروجِ من المنزل ونحوه، يقع إذا وقع المعلَّق عليه، فقد جاء عن نافع رحمه الله أنه قال: “طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ الْبَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ” [البخاري: 45/7].
لكن إذا علَّق الزوج الطلاق على فعل شخص آخر -زوجة أو غيرها- ولم يعلم الآخر بالتعليق، ففعلَ المعلَّقَ عليه، لم يقع الطلاقُ عند فقهاء الشافعية، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله في متن روض الطالب: “وَكَذَا غَيْرٌ قَصَدَ مَنْعَهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالِي، وَعَلِمَ بِالتَّعْلِيقِ فَفَعَلَهُ الْغَيْرُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا وَإِلَّا طَلَقَتْ”، ثم استدرك على ذلك في الشرح بقوله: “لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ مَا إذَا قَصَدَ مَعَ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَلَا تَطْلُقُ، كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ، وَجَرَى هُوَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ، وَعَزَاهُ الزَّرْكَشِيُّ لِلْجُمْهُورِ” [أسنى المطالب: 331/3].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فالطلاقُ غير واقعٌ عند علماء الشافعية، والأخذ به في هذه المسألة لا تخفى مصلحته حفاظًا على الأسرة من الضياع؛ بناء على حماقة ارتكبها الزوج، والمرأة لا علم لها بما ارتكبه، فالزوجةُ باقيةٌ في عصمة الزوج؛ لعدمِ علمِها بتعليقِ الطلاقِ، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
29//رجب//1444هـ
20//02//2023م