وثيقة وصية لأولاد الأولاد الذكور
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5143)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
جاء في وثيقة وصية ما نصه: “..حضر لدي كاتبه الحاج ح ع ق وأوصى بكامل الثلث من جميع مخلفه عقار أو غيره أين كانت وكيف كانت سواء كانت موروثة له عن والده أو والدته أو داخلة ليده بالمشترى وسواء كان الاشتراء من أخيه س أو غيره، النصف لابني أخيه الحاج س وهما: ع و ح والنصف لمن سيوجد لابنه ن وما يزداد له من الأبناء الذكور… وصية صحيحة نشهد على إشهاده بذلك عارفاً له وهو بالحال الجائزة وفي تاريخ سبع وأربعين وثلاثمائة وألف …”، ولابنه ن آنذاك: (م، ول، ود)، وانحصر هذا الثلث في أربعة أراضٍ، أخذ أبناء أخيه نصيبهم منها، وهو النصف من كل أرض، وبقي النصف الآخر، وفي عام 1378ه أشهد ن على نفسه أنه بيّن لأبنائه نصيبهم من الوصية، فذكر في وثيقة الإشهاد أنَّ نصيبهم هو النصف من قطعةِ أرضٍ واحدةٍ من الأراضي الأربعة، ولم يأتِ على ذكر الثلاثة الباقية، ثم إن ن تزوج وأنجبَ ولدينِ، ثم توفي عن أولاده الخمسة، فلما أراد الأبناء اقتسام نصيبهم من وصية جدهم، زعمَ الولدان الحادثان أن الأراضي الثلاثة الباقية هي من نصيبهما وحدهما، دون إخوتهم السابقين؛ بحجة أنّ أباهم قد أشهد على بيان نصيبهم، وأنّه كان في أرض واحدة من الأراضي الأربعة، فلا حقَّ لهم في سواها، فهل ما فعله الأب (ن) من بيان وجه الوصية على غير ما ذُكِرَ فيها جائز؟ وهل للولدينِ الحق في حرمان إخوتهم السابقين (م، ول، ود)، من الأراضي الثلاثة الباقية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالوصية المرفقة صحيحة نافذة شرعًا، لأولاد الأولاد الذكور، في الثلث من تركة الميت، جاء في المعيار عن الفقيه محمد العمراني رحمه الله، وقد سئل عن رجل أوصى بثلث متروكه لبني بنيه الذكور، ولمن يتزيد لبنيه الذكور: “الْوَصِيَّةُ لِمَنْ يُولَدُ الْمُعَيَّنِينَ إِذَا كَانَتْ مِثْلَ مَا فِي مَسْأَلَتِكُمْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ لَفْظَ تَحْبِيسٍ وَلاَ صَدَقَةٍ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ لَمْ يَخْتَلِفْ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّمَلُّكِ لَهُمْ، كَالْوَصِيَّةِ لِجَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ قِسْمَةَ مِلْكٍ عَلَى السَّوَاءِ، لاَ يُؤْثَرُ فِيهَا فَقِيرٌ عَلَى غَيْرِهِ، هَذَا شَيْءٌ لَمْ أَقِفْ فِي أَجْوِبَةِ الْمَذْهَبِ عَلَى مَا يُخَالِفُهُ” [المعيار المعرب: 28/7]، واتباع شرط الْمُوصِي من الأمور التي أوجبها الشرع، ولا يجوز تغييره؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 181].
وعليه؛ فما فعله الأب ن من الإشهاد والتصرفِ، في حقِّ الموصَى لهم مِن أبنائِهِ الموجودين فقط، وقبلَ انتهاء عقبه من الذكورِ؛ هو مخالفٌ لنصِّ الوصيةِ، ويعدُّ باطلًا، ولا عبرةَ به، ويقسمُ ما أوصَى به الموصِي بين أبناءِ ابنه الخمسةِ بالتساوي، ولا حقَّ لأحدٍ من الأبناء في حرمانِ غيره من الوصية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الدائم بن سليم الشوماني
أحمد بن ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
20//شعبان//1444هـ
12//03//2023م