لا يثبت الملك بالغصب والتعدي
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2580)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
خصَّصتْ لي الدولة قطعة أرضٍ، بمنطقة أبي سليم، وهذه الأرضُ منزوعة الملكية من مالكها، المعروف بقانون رقم (4)، وسجّلتُ هذه الأرض في السجل العقاري، وأخرجتُ عليها رخصة بناء، ولم أتمكن من حيازتِها؛ لوجود مالكِها الأصلي بها، وبعد مرور ما يزيد عن سبعِ سنين بِعْتُ هذه الأرض لشخص، بخمسة آلاف دينار، أخبرني أنه سيرهنها لمصرف، مقابل قرض، ولم يحزها، ولم يَقم برهنها، وبعد مدة اطلعتُ على بعض الفتاوى الصادرة من دار الإفتاء، عن أحكام قانون رقم (4) الجائر، فندمتُ ورجعتُ إلى الله، وأردتُ إلغاء عقد البيع، وإرجاع الثمن إلى المشتري فرفضَ، فماذا أفعل وقد أرهقني الندم، وأريدُ تخليص نفسي، وطلبَ الصفح مِن مالك الأرض؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فما قامت به الدولة بموجب القانون المذكور، هو من استباحة ممتلكاتِ الناس بالظلم، وكلّ ما حصل بموجبه في ذلك الوقت يُعدُّ تعدّيا وغصبًا، لا يثبت به ملك، إلا إذا عوّضت الدولة المتضررين مقابل نقل الملكية إليها، ورضوا بالتعويض؛ أما إذا لم تدفع الدولة عوضًا مناسبا – وكانوا غير راضِين به – فلا يثبت به حق، ويبقى الحق للمالكِين، وكل ما حصل بموجب هذا القانون، مِنْ تَمَلُّكٍ للأملاك بدون رضا أصحابها؛ يعد باطلًا، قال الله عز وجل: ﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة:188]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [البيهقي:5492]، وقد نص العلماء على أن حكم الحاكم يُنقض إذا خالف نصَّ الشارع، ولا ينفذ حكمه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ) [أبوداود:3075].
عليه؛ فإن من شروط صحة البيع أن يكونَ البائع للسلعة مالكا لها ملكا تاما؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تَبِعْ مَا لَا تَمْلِك) [أبوداود:3503]، وهذا ليس متوفرا في البائع؛ كما هو الظاهر من السؤال، فالواجب ردّ الثمن إلى المشتري، وإلغاء العقد، وإبراء ذمتك، فإن لم يقبل فقد أدّيت الذي عليك، ومن تابَ تابَ اللهُ عليه، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
غــيث بــن مــحــمــود الـــفــاخــري
نائب مفتي عام ليبيا
20/ذو الحجة/1436هـ
04/أكتوبر/2015م