لا وصية لوارث
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5248)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
مرضت والدتي منذ مدة، فقرر الوالد بيع قطعة أرض وجرار كانا له؛ ليجعلهما في مصاريف العلاج، فلما سمع أخي الذي في الخارج بعزم أبيه على بيع ما ذكر، طلب من الوالد عدم البيع، ووعد بالتكفل بمصاريف علاج الوالدة، فعدل الوالد عن البيع، وتكفل أخي بالمصاريف، فقال لنا الوالد إن هذا الجرار سأتركه لأخيكم، مكافأة له على صنيعه، وكل من شاركه في مصاريف العلاج فله أن يأخذ من ثمن الجرار، ثم إن الوالد توفي، وقد قسم بيننا كل ممتلكاته قبل موته ما عدا هذا الجرار، فهل يدخل الجرار في التركة، أم يبقى لأخينا الذي تكفل بالعلاج، أم هو للوالدة تصرفه في العلاج؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن ما فعله الولد من التكفل بمصاريف العلاج وإعفاء أبيه من اللجوء لبيع أرضه وجراره، هو من تمام البر، الذي يرجى له منه البركة في الدنيا والأجر في الآخرة، ثم إن قول الأب إنه سيترك الجرار لولده؛ مكافأةً له على صنيعه، هو من قبيل الوصية، وهي وصية لوارث، فلا تنفذ إلا بموافقة سائر الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) [أبوداود: 2870]، قال الإمام مالك رحمه الله: “لاَ تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، إِلاَّ أَن يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ” [الموطأ: 503].
عليه؛ فالجرار داخل في جملة تركة الميت، وليس مختصًّا بالولد، إلا أنّ الورثةَ إذا طابت نفوسهم بإعطائه له؛ برًّا بأبيهم، وتحقيقا لرغبته، وحفظًا للمعروف بينهم، فإن ذلك من كمال الإحسان الذي ترجى به البركة والثواب، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
عصام بن علي الخمري
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07//محرم//1445هـ
25//07//2023م