حكم قسمة التراضي في التركة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5249)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
توفي رجل، وخلف خمسة أولاد وأربع بنات، وترك أراضي في أماكن متفرقة بقيم متفاوتة، فبعضها جبلي، وبعضها مشجر، وبعضها رملي صالح للحرث، وبعضها على الطريق المعبد، وبعضها بعيد عن الطريق، وترك حجرتين وصهريجين للمياه الجوفية (ماجن)، فاقترح أحد الورثة أن تقسم كل أرض على حدة، فيكون لكل الورثة نصيب في كل الأراضي، وأما الصهريجان والحجرتان فيُقوّم كل منها، ويشتريها من كانت ملاصقة لمنزله، وتوزع أثمانها على الورثة حسب الفريضة الشرعية، فهل في هذا المقترح ما يخالف الشريعة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالأصل في القسمة أن الشركاء إذا تراضوا على شيء جاز لهم ذلك؛ لأن قسمة التراضي كالبيع، يجوز فيها كل ما يجوز في البيع، بل قد يُتسامَح فيها ما لا يتسامح فيه، فإن كان الورثة قد تراضوا على القسمة المذكورة جاز بلا إشكال، وليس فيما ذُكِر ما يخالف الشريعة، وأما إذا وقع النزاع، فإن العقارات من الدور والأراضي والبساتين إذا كانت مختلفة الأثمان والقيمة، أو كانت متباعدة؛ فإن كل أرض أو بستان يقسم على حدة، جاء في المدونة: “قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ وَرِثْت أَنَا وَأَخٌ لِي قَرْيَةً مَنْ الْقُرَى فِيهَا دُورٌ وَشَجَرٌ وَأَرْضٌ بَيْضَاءُ فَأَرَدْنَا أَنْ نُقَسِّمَ، كَيْفَ نُقَسِّمُ ذَلِكَ بَيْنَنَا؟ قَالَ: … وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَرْضُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا أُعْطِيَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ فِي كُلِّ أَرْضٍ عَلَى حِدَةٍ” [4/267].
وأما الحجرتان والصهريجان؛ فإن لم تمكن قسمتها بين جميع الورثة فإنها تباع، ويقسم ثمنها، ولا بأس ببيعها لمن هي بالقرب منه، قال الحطاب رحمه الله: “فَإِنْ كَانَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يَحْتَمِلُ القِسْمَةَ بِيعَ عَلَيْهِمْ الْجَمِيعُ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ سَهْمٍ فَيَجُوزُ” [مواهب الجليل: 5/337]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07//محرم//1445هـ
25//07//2023م