بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5275)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن -اللجنة المشرفة على تاليف أولاد التركي بتاجوراء- عندنا في قريتنا المباركة أراضٍ معروفة بتاليف القرية، أو تاليف الشارع، وهي أراضٍ أوقفها أصحابها؛ ليجعل من غلتها طعام (بازين ولحم) لأهل القرية، يجتمعون في يوم معلوم من العام؛ ليذكروا الله تعالى بالكلمة المشرفة (لا إله إلا الله) بعدد معلوم، ويُهدون ثوابها لصاحب الأرض، وهذه عادة قديمة معروفة في تاجوراء، حسب ما هو بين أيدينا مِن وثائق التحبيس على التاليف، وقد انقطعت منذ سنين، ومنذ زمن قريب اختار أهل القرية لجنةً لحصر هذه الأراضي، والاستفادة من غلتها، وإحياء التاليف، فكيف تنفق الغلة في وقتنا الحالي؟ وكيف تحسبُ غلة الأعوام الماضية على من استفاد من الأراضي ولم يُخرج التاليف؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإقامة (التاليف) بالمصطلح المتعارف عليه في وقته يُعدُّ مِن أبوابِ الخير؛ فالتحبيس به صحيح.
والاستيلاء على أراضي الوقف واستغلالها في المنافع الخاصة، يعدّ من التعدّي والغصب المحرّم؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم محذّرًا من التعدّي على أملاك الغير وعقاراتهم: (مَنْ أَخَذَ شِبرًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، طُوِّقَهُ فِي سَبْعِ أَرَضِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [البخاري: 2453]، فكيف بالتعدّي على مال الوقف وعقاراته، الذي هو أعظمُ ظلمًا وأشدّ حرمة، قال تعالى: (فَمَن بَدَّلَهُو بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ) [البقرة: 181].
عليه؛ فالواجب على لجنة الحصر صرف ريعِ الأراضي المحبسة نقدًا، على الفقراء والمساكينِ والمحتاجين مِن طلبة العلم؛ لأنّ هذا في معنى ما أوصى به المحبِّسُ، وهو إطعام الطعام فيما يسمى بـ(التاليف)؛ لأنّ ما خرج لله يجوزُ أن يستعانَ ببعضه في بعض، وعلى كل من انتفع بأرض الوقف متعديًا أن يدفع كراء السنوات الماضية، بسعر المثل في ذلك الوقت، وينبغي على اللجنة أن يوثقوا الوقف -إن لم يوثق- بمعرفة العدول، مثل محرري العقود وغيرهم، ويشهدوا عليه جماعة من أهل القرية، حتى لا يندرس ويضيع، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
05//صفر//1445هـ
21//08//2023م