قسمة أرض موروثة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5290)
ورد إلى دار الإفتاء اللّيبيّة السّؤال التّالي:
يملك جدّنا (غ س) مجموعة أراضٍ، وقبل وفاته استولت الجماهيريّة عليها، لصالح مشروع زراعي، وبعد وفاته انحصر إرثه في أبنائه، وهم: (م)، و(ك)، و(ع)، و(ف)، و(س)، و(هـ)، ومع مرور السنين أهملت الدّولة المشروع الزّراعي، وطالب الأهالي بإرجاع الأراضي المغتصبة لهم، فقامت أمانة الزّراعة حينها بتخصيص مزرعتين لأبناء (غ س)، واحدة مساحتها 12 هكتاراً مبيّنة الحدود، والأُخرى 18 هكتاراً مبيّنة الحدود، حسب ما هو مكتوب في عقدي الانتفاع، فسجّل ورثة (غ س) باسم (ع) عقد الْمَزْرعة الَّتي مَسَاحَتهَا 12 هِكْتَاراً، واتّفقوا (شفويّا ورضائيّا) في عام (1991م) أن يكون أخوه (ك) معه، وعندما تمّ تكييل الأرض حديثا (في سنة 2022/2021) حسب الحدود المذكورة في العقد، وجد أن الأرض مساحتها تقريبا (12) هكتارا، و(700) م2، وفي ذات الوقت (في عام 1991م تقريبا) سجل ورثة (غ س) المزرعة الأخرى باسم أخيهم (ف)، واتفقوا (شفويا ورضائيا) أن يكون مع (ف) في هذه المزرعة أخواه (م) و(س)، هذه المزرعة مساحتها 18 هِكْتَاراً تَقرِيباً، حسب الرَّقم المذكور في العقد، وعندما تمَّ تكييل الأرض حديثاً (في سنةِ 2022/2021م) حسب الحدودِ المذكورةِ في العقدِ، وُجدَ أنّ الأرضَ مساحتُها 21 هكتَاراً تَقْرِيباً، والآن ورثة (ف) ونحن معهم ورثة (م، و س) نتساءل: هل بإمكانِ ورثةِ (ف) التَّنازل على ما سجّل لأبيهم عن طريق عقد الانتفاعِ؟ وإن كان تنازلهم لورثة (س) وورثه (م) جائزاً، هل التّنازلُ يَتَقَيَّدُ فَقَطْ بِالْمَسَاحَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْعَقْدِ، وهي: 18 هكتاراً، أم على المساحَةِ كُلِّهَا، والتي تبين أنها 21 هكتارا، علماً أن المزرعتين تحت أيدي أصحابها من مدة ثلاثين سنة أو تزيد قليلا، دون اعتراض من أحد، بل بعض الجيران قام بتقسيم مزرعته وبيعها، وتناقلت عليها الأيدي، ومما يجدر ذكره أن إخوة الجد (غ س) قد تم إرجاع لكل واحد منهم، أو لورثته، نفس المساحة الذي استرجعت لورثة جدنا (غ س)، أي 30 هكتارا لكل أخ من إخوة (غ س) المذكور، وتمّ إرجاعها لهم ورثة إخوة (غ س)، عن طريق عقود انتفاع لهم، كذلك نود الإشارة إلى أنه خلال السنوات الماضية (ما يقارب 25 سنة مضت) قمنا نحن ورثة (م) وورثة (ف) وورثة (س) بتبيان الحدود بين القطع الثلاث بشكل عيني، وذلك بوضع علامات خرسانية بين أرض (ف)، و(م)، وكذلك بين أرض (م، و س)، وتقيدنا بنفس الحدود التي اتفق عليها (م، وف، وس) أثناء حياتهم، وهي مساحات متساوية تقريباً، وبالنسبة لكل أبناء (غ س) الذكور فقد اتفقوا أن حصة أختهم (هـ) تكون مقسمة مع كل أخ من إخوتها، ما يعني أن حصة هنية مع كل أخ في حدود 5500 متر مربع، مجموعها تقريبا هكتاران وسبعة آلاف متر مربع، على اعتبار أن مساحة المزرعتين الكلية هي 30 هكتارا، وبالنسبة لمساحة أرض جدنا (غ س) قبل أن تستولي عليها الدولة، فإنها في حدود 33 هكتارا تقريبا، وربما تزيد بشيء قليل.
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فإن كان الحال كما ذكر، وأن ما أخذته الدّولة من جدّكم (غ س)، وقت ضم الأراضي وإنشاء المشروع الزّراعي، مساوٍ للمساحة التي وجدتموها في القطعتين اللتين خصصتهما لكم الدولة، بعد التقدير الأخير سنة (2022/2021م) فالأمر جائز، وبإمكانِ ورثةِ (ف) التَّنازُلُ شَرْعاً على ما سجّل لأبيهم عن طريق عقد الانتفاعِ؛ لأنّه في حقيقة الأمر ملك للورثة شرعاً، لا الدّولة، ويجوز لكم بناء على ذلك الغرس والبناء، والتّصرّف في ما تحوزونه، قال التّسولي رحمه الله: “إِذَا غَرَسَ الغَارسُ أَو بَنَى أَو قَلَع البورَ والغَابَةَ وَنَحْوَهَا، وَكَانَ ذَلِك قَدرَ حَظّهِ فَقَط وَتَرَكَ قَدرَ حَظّ الآخَر الممَاثل لمَا غَرَسَه وَبَنَاه وَقَلَعَه فِي الْجَوْدَة وَغَيرهَا، فَإِنَّهُ يَخْتَص بغَرسِهِ وَتَقلِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ قَد فَعَلَ فِعْلاً لَو رُفِعَ إِلَى القَاضِي لَمْ يَفعَلْ غَيرَه إِذْ ذَاكَ غَايَةُ الْمَقْدُورِ، وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِك فَفعلُهُ مَاضٍ كَمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَبُو الْحَسَن وَالْبُرزُلِي وَغَيرُهُمَا” [البهجة شرح التحفة: 2/331].
أمّا المساحة الزّائدة الّتي وجدتموها عند إعادة الكيل في عام (2022/2021م) فهذه يجب أن تعطى لورثة الأخت هـ؛ فهذا حقّها بمقتضى الفريضة الشّرعيّة للذّكر مثل حظّ الأنثيين، حيث إن الذكور الخمسة من أبناء جدكم أخذ كل واحد منهم ستة هكتارات، فأختهم يجب أن تأخذ نصف حظهم وهو الثلاثة هكتارات المذكورة التي وجدتموها زائدة على الكيل الأول، وتلغى الحصة التي جعلت لها مع كلّ أخ، وهي 5500 متر مربع؛ لما في ذلك من الضرر عليها، وبإعطائها الثلاثة هكتارات تكون قد أخذت نصيبها كاملا، فلا حق لورثتها مع أخوالهم في 5500 متر مربع التي جعلت لها مع كل واحد منهم، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد الرحمن بن حسين قدوع
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18//صفر//1445هـ
الموافق: 03//09//2023م