حكم بناء مسجد على أرض مقبرة دارسة

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5318)

ورد إلى دار الإفتاء اللّيبيّة السّؤال التّالي:

توجد بقريتنا -الواقعة بمحلة ماجر بزليتن- مقبرة قديمة مهجورة، يزيد عمرها على مائةِ عام، وليس لها سياجٌ يحيطها، ويحيطُ بها منازلُ من أربع جهات، والقريةُ لا يوجد بها مسجدٌ، والمساجد الأخرى بعيدةٌ عنها، فهل يجوز بناء مسجد على هذه المقبرة؟

الجواب:

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أمّا بعد:

فإنه إذا ثبت أن المقبرة قد درست، وفنيت عظام الموتى، ولم يبق منها شيء لطول المدَّة، فإنه يجوزُ بناءُ مسجدٍ عليها، ولا بأس بالصّلاة في المسجد المقام على المقبرة الدارسة حينئذٍ، ولا يدخُلُ في النَّهيِ الوارِدِ عَنِ اتِّخاذِ المساجِدِ عَلَى الْقُبُورِ، وَلاَ تَبدِيل الحبس عن أصله؛ لأنّها في الحالتين لله، وقد انقطع الدّفن فيها، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ رحمه الله: “وَأَمَّا إِذَا عَفَتِ الْمَقْبَرَةُ وَانقَطَعَ الدَّفْنُ فِيهَا فَلَا بَأْسَ أَن يُبنَي عَلَيهَا مَسجِدٌ لِلصَّلَاةِ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ وَالْمَقْبَرَةَ حُبسَانِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِصَلَاتِهِمْ وَدَفْنِ مَوْتَاهُمْ، فَلَا بَأْسَ أَن يُسْتَعَانَ بِبَعْضِ ذَلِكَ فِي بَعْضٍ وَيُنْقَلَ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ عَلَى أَنْفَعِ ذَلِكَ لَهُمْ وَأَرْفَقِهِ بِهِمْ وَأَحْوَجِ مَا هُمْ إِلَيْهِ … وَإِذَا بُنِيَ الْمَسْجِدُ عَلَى الْمَقْبَرَةِ لَمْ يَتَنَاوَلِ الْمُصَلِّي فِيهِ نَهْيُ النَّبِيِّ رحمه الله عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَقْبَرَةِ عِندَ مَن حَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَى عُمُومِهِ فِي جَمِيعِ الْمَقَابِرِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ خَرِبَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَقْبَرَةً، وَتَحَوَّلَتْ إِلَى مَا تَحَوَّلَتْ إِلَيْهِ مِنْ كَوْنِهَا مَسْجِداً، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا جَاءَ مِن أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي بَنَى فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  قُبُورٌ لِلْمُشْرِكِينَ فَأَمَرَ بِهَا فَنُبِشَتْ” [البيانُ وَالتَّحْصِيلُ: 235-234/12]، والله أعلم.

وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشّريف

الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09//ربيع الأول//1445هـ

24//09//2023م