الوصية لوارث لا تصحُّ وتكون موقوفةً على إجازة جميع الورثة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5321)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا (م س)، أفيدكم أن والدنا رحمه الله امتلك قطعة أرض في حياته، تُقدَّرُ بستة هكتاراتٍ تقريبًا، وقسَّمها إلى أربع قطع، ثلاثٌ لأبنائه الذكور، وربعٌ احتفظ به لنفسه، وقد مكَّن أطراف المقاسمة من حيازة أراضيهم، والانتفاع بها زراعة وبناء، كل ذلك مدوَّنٌ في وثيقة المقاسمة المرفقة، التي في آخرها: “فإنه إذا بقي من نصيبه شيء بعد مماته من الأرض لبناته”، فهل ما احتفظ به لنفسه من الأرض حق للبنات بعد موته؟ علمًا أنه لم يمكن أحدًا منها في حياته.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فالوصيةَ لوارث لا تجوز، إلّا إذا أجازها جميع الورثة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَى لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) [أبوداود: 2870]، وزادَ الدارقطني رحمه الله: (إِلّا أَنْ يَشَاءَ الْوَرَثَةُ) [سنن الدارقطني: 89]، وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: “السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلَافَ فِيهَا؛ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ، إِلَّا أَنْ يُجِيزَ لَهُ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْمَيِّتِ” [الموطأ: 503].
عليه؛ فإن هذه الوصية لا تصحُّ، وتكون موقوفةً على إجازة جميع الورثةِ، فإن تراضى جميع الورثة على العمل بهذه الوصية -دون إجبار أو إكراه لأحد منهم- جاز العمل بها، وينبغي للأبناء الذكور برا بوالدهم الميت أن يمضوا وصية أبيهم إحسانا إلى أخواتهم؛ لأن الأب لم يعدل بين أولاده، حيث أعطى الذكور ومكّنهم في حياته، ولم يعط للإناث شيئا، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
11//ربيع الأول//1445هـ
26//09//2023م