طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوى

حكم تكرار لفظ الطلاق وإرداف لفظ التحريم عليه

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5324)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أنا: (ع ط) تشاجرتُ مع زوجتي؛ فقلتُ لها مُغضَبًا: “طالق طالق”، ولم أقصد بهذا التكرار شيئا، ثم قلتُ لها: “تحرمي عليَّ”، وهي المرة الأولى التي أتلفَّظ فيها بالطلاق؛ فهل لي أن أرجعها؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالطلاق المكررُ يقعُ بعددِ ما كررهُ الزوج، إن لم ينوِ بالتكرارِ التأكيدَ، قال الخرشي رحمه الله: “إذَا كَرَّرَ الطَّلَاقَ بِلَا عَطْفٍ بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: … أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، طَالِقٌ، طَالِقٌ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ الْمُبْتَدَأ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ نَسَقٍ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا، وَمَحَلُّ اللُّزُومِ إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ” [شرح الخرشي: 4/50]، قال العدوي رحمه الله: “(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْوِ التَّأْكِيدَ) أَيْ: بَلْ نَوَى التَّأْسِيسَ، أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ” [حاشية العدوي على شرح الخرشي: 4/50].

والطلاق بلفظ: “تحرمي عليَّ” يقع بائنًا بينونةً صغرى على المختار، وهو رواية عن مالك رحمه الله، قال القرطبي رحمه الله: “وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِزَوْجَتِهِ: “أَنْتِ عَليَّ حَرَامٌ” عَلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَوْلاً … وَسَابِعُهَا: أَنَّهَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ، قَالَهُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُوَيْز مِنْدَاد عَنْ مَالِكٍ …” [الجامع لأحكام القرآن: 18/180]، والتلفظ بالتحريم بعد التلفظ بالطلاق تبين به الزوجة؛ لأن الطلاق الأول رجعي، لم تخرج به الزوجة من العصمة؛ فيقع عليها التحريم، قال الوزاني رحمه الله: “إِنْ قَدَّمَ الْحَـرَامَ تَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ فَقَطْ دُونَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنّهُ لَا يَرْتَدِفُ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَدَّمَ الطَّلَاقَ لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ؛ فَيَرْتَدِفُ عَلَيْهِ الحَرَامُ” [المعيار الجديد: 4/17].

عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر، فإن السائل لزمتْهُ الطَّلَقَاتُ الثلاث، اثنتان بقوله لها أولا: “طالق طالق”، وثالثة بقوله لها آخرا: “تحرمي عليَّ”، وبانتْ منه زوجتُه بذلك بينونةً كبرى، فلا تحلُّ له حتى تنكح زوجًا غيرهُ نكاحَ رغبةٍ، ثم يطلقَها، أو يموتَ عنها؛ لقول الله عز وجل:  ﴿الطَّلَاقُ ‌مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ﴾  [البقرة: 227]، ثم قال: ﴿فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنم بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُو فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَّتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَنْ يُّقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 228]، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

18//ربيع الأول//1445هـ

03// 10//2023م 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق