بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5328)
السيد المحترم/ م ح، مقدم قبيلة الزروق.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المشار إليها بـ(15 23)، بتاريخ: (24/ 06 /2023)، المتضمنة السؤال عن حكم إنشاء مرافق خدميّة على مقبرة، توقفَ الدّفنُ فيها من أربعينيات القرن الماضي، وذلك نظرًا لزيادة الكثافة السكانية في منطقة الزروق، وعدم وجود مساحات تسمح بالتوسع في إنشاء بعض المرافق الهامة للمنطقة.
فالجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فالأصل ألّا يتصرف في المقبرة بأيّ نوع من أنواع التصرف؛ لأن القبر حبسٌ على صاحبه مادام فيه، قال خليل رحمه الله: “وَالْقَبْرُ حُبُسٌ لاَ يُمْشَى عَلَيْهِ، وَلَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ” [المختصر: 52].
لكن إذا اندرست القبور، ومرّت على المقبرة مدّة تفنى فيها عظام الموتى، فيجوز الانتفاع بها في غير الدّفن، مما تشتدّ حاجة الناس إليه، بناء على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، وبعض علماء المالكية، وقال ابن عابدين رحمه الله: “وَقَالَ الزَّيْلَعِي: وَلَوْ بَلِيَ المَيّتُ وَصَارَ تُرابًا، جَازَ دَفنُ غَيرِهِ فِي قَبرِهِ وَزرْعُهُ وَالبِناءُ عَليهِ” [رد المحتار على الدر المختار:2/233]، وقال النووي رحمه الله: “يَجوُز نَبشُ القَبرِ إِذَا بَلِي الميّتُ وَصارَ تُرابًا، وَحِينَئذٍ يَجوزُ دَفنُ غَيرِهِ فِيهِ، وَيَجوزُ زَرعُ تِلكَ الأَرضِ، وَبِناؤُهَا، وَسَائِرُ وُجوهِ الِانْتِفَاعِ وَالتّصَرُّفُ فِيهَا بِاتّفَاقِ الأَصْحَابِ… وَهَذَا كُلّهُ إِذَا لَمْ يَبقَ لِلمَيّتِ أَثَرٌ مِنْ عَظْمٍ وَغَيْرِهِ” [المجموع شرح المهذب:5/303].
وبناء على ما أفادت به اللجنة المكلّفة بمعاينة المقبرة، من أنّ قبورها قد اندرست، ولم يعد يظهر لها أثر، والدفن في المقبرة توقف منذ ما يقارب ثمانين سنة تقريبًا، وهذه المدّة مظنةٌ لفناء عظامِ الموتى؛ فيجوزُ الاستفادة من المقبرة في إنشاء المرافق الخدمية، التي تحتاجها المنطقة، على ما ذهب إليه بعض أهل العلم، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
24/ربيع الأول/1445هـ
09/10/2023م