بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5342)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تنازل والدي عن حصته من ميراث والده – المتمثل في قطعة أرض ومنزل – لأخيه، سنة 1998م، وقد توفي أخوه سنة 2004م، وفي سنة 2006م طلب مني والدي الاتصال بأخيه الآخر لتقسيم الميراث، وطلب أن تكون حصته بجانب حصة أبناء أخيه المتوفى، لكن لم تقسم الأرض، حتى توفي والدي سنة 2020م، فما حكم هذا التنازل؟ علما أنه تنازلٌ موثقٌ ومصدقٌ عليه من المحكمة، وأن والدي لم يطلعنا عليه، ولم نعلم به إلا بعد وفاته، وأن المتنازَل له كان يعلم بالتنازل ويسكن المنزل حتى وفاته، وبنى في الأرض غرفتين بعد التنازل، وكان يجني ثمار الزيتون التي بها ويبيع زيتها، ويرعى المواشي فيها حتى وفاته.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن هبة نصيبٍ من تركةٍ لم تقسم يُعدّ هبةً على الشّيوع، وهي جائزةٌ، بشرط أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، بأن يتصرفِ الموهوبُ له مع الشركاء، كأنّه واحدٌ منهم، بالسكن وأخذِ الغلةِ والارتفاقِ بالمنافعِ، ونحو ذلكَ مِن غرسٍ أو بناء، قال أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ اللُّؤْلُؤِي رحمه الله: “كُلُّ مَنْ وُهِبَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ أَوْ دَارٍ، وَتَوَلَى احْتِيَازَ ذَلِكَ مَعَ وَاهِبِهِ، وَشَارَكَهُ فِي الاغْتِلَالِ وَالارْتِفَاقِ، فَهْوَ قَبْضٌ وَحَوْزٌ” [المعيار المعرب: 196/9].
عليه؛ فإن كان الحال كما ذكر في السؤال، فإنَّ تنازُلَ الوالد عن حصته في الأرض والمنزل لأخيه صحيحٌ ماضٍ، بشرط ألا تزيد الهبة عن مقدار نصيب من أبيه؛ لحصول الحوز من المتنازَل له وهو الأخ بالسكن في المنزل، والبناء في الأرض وجني الثمار ورعي الماشية، ولا عبرة بطلب الوالد لحصته من الأرض بعد وفاة أخيه المتنازَل له وحوزه، إذ لا يجوز له الرجوع في هبته بعد لزومها؛ لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَن يُعْطِيَ عَطِيَّةً، أًوْ يَهَبَ هِبَةً فَيْرِجَعَ فِيهَا، إِلاَّ الوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ) [أبوداود:3539]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
09//ربيع الآخر//1445هـ
24//10//2023م