بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5356)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
نحن ثلاثة إخوة، وأنا أصغرهم، وقد سجَّل والداي منزلَ العائلة الذي أسكن فيه أنا وأحد إخوتي ووالداي باسمي -بدافع الشفقة عليَّ- فهل يجوز لي أن أتملَّك هذا المنزل بعد أن تُوُفِّي والداي؟ علمًا أن والديَّ استمرَّا في السكنى معي في المنزل إلى أن تُوُفِّيا.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنَّ هذا التسجيلَ يُعَدُّ من قَبيل الهبة، ويُشترَط لتمام الهبة أن يحوزَها الموهوبُ له في حياة الواهب، ويتصرَّفَ فيها تصرُّف المالك في ملكه؛ قال ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: ”وَلَا تَتِمُّ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا حُبُسٌ إِلَّا بِالْحِيَازَة، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تُحَازَ عَنْهُ فَهِيَ مِيرَاثٌ” [الرسالة:117]، والحيازةُ في كل شيء بحسبه، فحيازةُ العقار الموهوب تكون بتخليةِ الواهبِ له، وإفراغِه من متاعه وشواغله، وتصرُّفِ الموهوب له فيه تصرفًا يدلُّ على التملّكِ، كأن يسكنَ الدار أو يُكْرِيَهَا.
ويُشترَط لصحة هبة الواهب دارَ سكناه أن يُخْلِيَهَا من متاعه، أو يسكن أقلَّها، على تفصيل بيَّنه الدسوقي رحمه الله بقوله: “وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ سَكَنَ جَمِيعَهَا بَطَلَ الْجَمِيعُ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، وَإِنْ أَخْلَاهَا كُلَّهَا مِنْ شَوَاغِلِهِ أَوْ سَكَنَ أَقَلَّهَا صَحَّ جَمِيعُهَا كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا، وَإِنْ سَكَنَ الْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا، وَبَطَلَ مَا سَكَنَهُ فَقَطْ إنْ كَانَ كَبِيرًا” [حاشية الدسوقي: 4/108].
عليه؛ فإنَّ هذه الهبةَ باطلةٌ؛ لعدم حصول الحيازة، إذا بقي الواهب يجول في كل البيت، ويكونُ المنزل ميراثًا، يُقسمُ على جميع الورثةِ الأحياء يوم وفاة المورِّث، حسبَ الفريضة الشرعية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
حسن بن سالم الشريف
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
14//ربيع الآخر//1445هـ
29//10//2023