بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5386)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
تنازلتُ عن أملاكي لابنتيَّ، واشترطت في وثيقة التنازل أنه لا يحق للمتنازل لهما التصرف في الأملاك المتنازل عنها، بأي تصرف ناقل للملكية، إلا بعد وفاة المتنازِلة، فما حكم هذا التنازل؟ علما أني لا أملك بيتا للسكنى، وكل ما أملكه هو نصيب على الشيوع من تركة أبي، المتمثلة في منزل يُوزَّع إيجاره بين الورثة، وما هي الطريقة الصحيحة لأنقل ملكية نصيبي من منزل والدي إلى ابنتيَّ؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنّ الهبةَ بشرطِ عدم التصرفِ جائزةٌ مع إلغاء الشرط، بناءً على أحدِ الأقوال في المسألة، التي ذكرها الحطاب رحمه الله -في الهبة المشروطة- أنّ الهبة صحيحةٌ والشرطَ باطلٌ، قال الحطاب رحمه الله: “وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ هِبَةً، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِصَدَقَةٍ عَلَى أَنَّهُ لاَ يَبِيعُ وَلاَ يَهَبُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ… وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ وَالْهِبَةَ جَائِزَةٌ” [تحرير الكلام في مسائل الالتزام:402].
لكن من شرط تمام الهبة أن يحوزها الموهوب له في حياة الواهب، والحيازة في هبة نصيبٍ على الشيوع من تركةٍ لم تقسم، يكون بأن يتصرف الموهوبُ له مع الشركاء، كأنّه واحدٌ منهم، بالسكن أو أخذِ الغلةِ والارتفاقِ بالمنافعِ، قال أَحمَدُ بن عَبْدِ اللهِ اللُّؤْلُؤِي رحمه الله: “كُلُّ مَنْ وُهِبَ جُزْءًا مِنْ مَالٍ أَوْ دَارٍ، وَتَوَلَى احْتِيَازَ ذَلِكَ مَعَ وَاهِبِهِ، وَشَارَكَهُ فِي الاغْتِلَالِ وَالارْتِفَاقِ، فَهْوَ قَبْضٌ وَحَوْزٌ” [المعيار المعرب: 196/9].
عليه؛ فإن التنازل صحيحٌ وشرط عدم التصرف باطل، لكن لتتم الهبة وتنتقل ملكية نصيب الواهبة في المنزل الموهوب إلى البنتين؛ فيجب أن يقبض وليهما – وهو الأب – نصيب الواهبة من الإيجار، قال النفراوي رحمه الله: “الْأَبُ هُوَ الَّذِي يَحُوزُ لِمَحْجُورِهِ” [الفواكه الدواني: 2/ 156]، فإن لم يتم قبض الإيجار لصالح البنتين وبقيت الأم هي التي تتولى قبضه إلى أن حصل لها مانع بموت أو تفليس بطلت الهبة، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
07//جمادى الأولى//1445هـ
21//11//2023م