صورة التأمين التكافلي الجائز
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5402)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
سجلتُ أبنائي في مدرسة دولية، وألزمتِ المدرسةُ أولياءَ الأمور بالتوقيع على عقد تأمينٍ للطلبة، يشملُ الوفاةَ والعجز الناجِـمَين عن الحوادث، وذلك بأنْ يدفع ولي الأمر 150 دينارًا شهريًّا، على أن يكونَ سقف التأمين 20 ألف دينار، خلال العام الدراسي الواحد، فما حكم هذا التأمين الذي أرفقتُ بنوده مع هذا السؤال؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فمن شروطِ جواز التأمين المأذون به شرعا أن يكون تأمينا تكافليا يكون الاشتراك فيه مبنيا على التبرع بحسب رغبة المشترك، لا أن يكون إلزاميا؛ لأن إلزام كل ولي أمر بالتوقيع على عقد التأمين يجعله عقد معاوضة، وحينئذ يكون الإقدام عليه محرمًا؛ لما فيه من الغرر الفاحش وأكل أموال الناس بالباطل.
ولتطبيق التأمين الجائز شرعًا، يمكنُ للمدرسة إنشاء صندوق تكافل، يقوم الاشتراك فيه على الرغبة لا الإلزام، بمبلغ محدَّدٍ كل شهر، يدفعه المشترك على سبيل التبرع؛ لغرض التعاون والتكافل بين أولياء الأمور، ويكون شاملًا للحوادث المتسببة في ما دون الوفاة، لعلاج من احتاج العلاج من المؤمن عليهم، أما التأمين على الحياة فإنه لا يجوز بحال؛ لأنه قائم على الغرر والمخاطرة المحرمة.
ويمكن أن تدعم إدارة المدرسة هذا الصندوق، ويكون دفع مصاريف العلاج من صندوق التكافل إلى المؤسسات والمصحات العلاجية، بموجب الفواتير الفعلية الصادرة من المصحات.
والأحسن أن تتولى المدرسةُ إدارة هذا الصندوق بنفسها، ويمكن لها -إن شاءت- أن تسندَ إدارته لجهةٍ متخصصةٍ، لها خبرة في التنسيق مع المصحات، يكونُ عملُها ترتيبَ إجراءات إدخال التلاميذ إلى المصحات ومتابعة علاجهم، وذلك مقابلَ أجر يُتَّفق عليه؛ إمَّا بنسبة مئويةٍ محددة من قيمة اشتراكات الصندوق، أو بمبلغ مقطوع، تأخذه عن كل معاملة.
وبذلك يكون عقد التأمين على هذا النحو من عقود التبرعات الجائزة شرعًا، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
12/جمادى الأولى/1445هـ
26/نوفمبر/2023م