بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2683)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أنا (م) طلقت زوجتي (غ) طلقة واحدة ثم أرجعتها، ثم وقعت بيننا مشاجرة، فقلت لها، وأنا غاضب: “طالق طالق طالق طالق”، بقصد التهديد ولم أقصد طلاقها بالثلاث، فما حكم ذلك؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن تلفظ الزوج بالطلاق الصريح يقع به الطلاق، ولا يحتاج إلى نية، عند عامة العلماء، قال ابن رشد رحمه الله: “فإن مالكا، والشافعي، وأبا حنيفة قالوا: لا يقبل قول المطلق إذا نطق بألفاظ الطلاق أنه لم يرد به طلاقا إذا قال لزوجته: أنت طالق” [بداية المجتهد:96/3].
وعليه؛ فإن الطلقة الثانية نافذة، وتقع واحدة مادام يقصد بها التأكيد – كما يظهر من السؤال – ؛ لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله- صلى الله عليه وسلم-: “فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل” [الترمذي:407/3]، قال المواق رحمه الله: “ومثله أنت طالق طالق طالق. وعبارة المتيطي: من كرر الطلاق وأتى به نسقا دون عطف، فقال: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، فإنه يلزمه الثلاث، إلا أن ينوي بالأولى واحدة، وبالباقيتين الإسماع والتأكيد” [التاج والإكليل:355/5]، ويمكنك إرجاع زوجتك إلى عصمتك، ما دامت عدتها لم تنقض؛ لقول الله- تبارك وتعالى-: )وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً( [البقرة:228]، ويستحب إشهاد رجلين عدلين على الرجعة؛ لقوله- تعالى-: (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ) [الطلاق:2]، قال القرطبي رحمه الله: “الإشهاد عند أكثر العلماء على الرجعة ندب” [تفسير القرطبي:158/18]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
3/صفر/1437هـ
2015/11/15م