وجوب إنفاذ الوصية الصحيحة قبل قسمة التركة
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5441)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
جاء في وثيقة وصية ما نصه:” أنّ (هـ) أوصى وهو طائعاً مختاراً وهو قائم بالأوصاف المعتبرة شرعاً وقانوناً بالثلث الجائز شرعاً للطفل الذي تحت وصايته ورعايته والمدعو (م) وذلك فيما يملك المقر من أرض فضاء وعقارات مشيدة وأموال منقولة وثابتة، تصدقاً منه قاصداً بذلك ثواب الله ومصلحة هذا الطفل لإعانته على نوائب الدهر، مصداقاً لقوله تعالى: (إن الله يجزي المتصدقين)….” وقد توفي الموصي بعد سنين من كتابة الوصية، وطالب الموصى له بحقه من الوصية بعد وفاة الموصي ولم يعط شيئاً، ثم توفي الموصى له وترك زوجة وأبناء، فما حكم هذه الوصية؟ مع العلم أنّ الموصى له مجلوب من دار الحضانة.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن الوصية بثلث التركة فأقلّ لغير الورثة صحيحةٌ، نافذة شرعًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ) [السنن الكبرى للبيهقي:6/441].
ثمّ إن كان الموصى له معيناً يشترط قبوله بعد موت الموصي إن كان بالغاً رشيداً، قال خليل رحمه الله: “وَقَبُولُ الْمُعَيَّنِ شَرْطٌ بَعْدَ الْمَوْتِ” [المختصر:256].
عليه؛ فمادامت الوصية في ثلث التركة ولغير وارث، وقد قبلها الموصى له بعد موت الموصي بدليل مطالبته بها بعد موت الموصي؛ فهي صحيحة، ويجب على ورثة الموصي تنفيذها، وإخراجها من ثلث كامل أملاك الموصي، قبل اقتسام التركة، كما قال الله تعالى في قسمة الميراث: (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ) [النساء:12]، ولا يجوز تأخير الوصية أو تبديلها، وفاعل ذلك مستحقٌّ للإثم والعقاب، كما قال الله تعالى: (فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة:181]، وإن لم تنفذ الوصية يوم قسمة التركة، والموصى له قد مات، فيجبَ على ورثة الموصي إخراجها وإعطاؤها لورثة الموصى له الآن؛ إبراءً لذمتهم، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد الدائم بن سليم الشوماني
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18//جمادى الآخرة//1445هـ
31//12//2023م