بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2708)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
وهبت لأحد أولادي قطعة أرض، مساحتها 7500م، دون باقي إخوتِه، وذلك لمساعدته لي في العمل بالمزرعة، وكونه أكثر برًّا وإحسانًا لي من إخوته، والآن بعض إخوانه غير راضين عن هذه الهبة، بحجةِ عدم جوازِ الهبة لابنٍ دونَ الآخر، وقد تسببت الهبة في مشاكل كثيرة؛ بين الإخوة من جهة، وبين الموهوبِ له من جهة أخرى، فهل يجوز لي الرجوع في هذه الهبة، حتى تنتهي هذه المشاكل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن هبة الوالد لولدِه بغير قصد الإضرار ببقية الورثة، وتعمد إخراجهم من الميراث، هبةٌ صحيحة نافذة شرعًا، إذا تمت معها الحيازة، ففي الموطأ: “أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه نحل ابنته عائشة عشرين وسقا بالغابة، واختصها بها دون أختيها” [الموطأ:436]، وقال ابن أبي زيد رضي الله عنه: “ولا تتم هبة، ولا صدقة، ولا حبس، إلا بالحيازة” [الرسالة:117]، والحيازة أن يتصرف الموهوب له فيما وُهب له، تصرف الملاك في حال حياة الواهب.
كما يجوز للوالد خاصةً – لا لغيره – الرجوع في الهبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لرجل أن يعطي عطية، أو يهب هبة فيرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده) [أبوداود:3539]، ويسمى رجوعه: اعتصارًا، قال الدردير رحمه الله: “(وللأب) فقط لا الجد (اعتصارها)، أي الهبة” [الشرح الكبير:110/4]، إلا أنَّ اعتصار الهبة مقيد بقيود، منها؛ عدم فوات الشيء الموهوب، بالتصرف فيه ببيع، أو هبة، أو زيادة، أو نقصان، قال مالك رحمه الله: “وللأب أن يعتصر ما وهب أو نحل لبنيه الصغار والكبار وإن لم يكن للصغار أم؛ لأن اليتيم إنما هو من قبل الأب، ما لم ينكحوا أو يستحدثوا دينا؛ لأنه إنما أنكح لغناه، ولما أعطى وعليه داينه الناس” [المدونة: 135/15].
عليه؛ فيُباحُ لك استرجاع قطعة الأرض المذكورة شريطة ما سبق، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
13/صفر/1437هـ
25/نوفمبر/2015م