بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2729)
ورد إلى دار الإفتاء الأسئلة التالية:
السؤال الأول:
هل يجوز للوصي أن يقترضَ من مال اليتيم في حجره؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه لا يجوز التصرف في أموال اليتامى في غير مصلحتهم، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ [الإسراء:34]، قال الشيخ محمد عليش رحمه الله: “روى محمد إنما للوصي في مال اليتيم فعل ما يبقيه أو ينميه” [منح الجليل شرح على مختصر سيد خليل: 587/9]، والله أعلم.
السؤال الثاني:
ما حكم أداء صلاة الفريضة داخل المصلى الموجود داخل المقبرة، ووجود قبور قبالة المصلين؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه لا يجوز الصلاة في مكان قبالته قبور، دون وجود جدار فاصل بينه وبين القبور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ وَلا تَجْلِسُوا عَلَيْهَا) [مسلم:972]، قال القرطبيُّ رحمه الله شارحًا هذا الحديث: “وكلّ ذلك لقطع الذريعة أن يعتقد الجهَّال في الصلاة إليها أو عليها الصلاة لها، فيؤدِّي إلى عبادةِ مَن فيها، كما كان السبب في عبادة الأصنام” [المفهم:4/2]، والله أعلم.
السؤال الثالث:
ما حكم الصلاة خلف إمام ثبت تعامله مع الجان، حيث يأكلُ كؤوس الزجاج، ويحولها لبخور الجاوي؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا ثبتَ بالدليل القاطع أنّ الإمام يتعامل بالسحر؛ فلا تجوز الصلاة خلفه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (… من سحر فقد أشرك …) [النسائي:4079]، ويجب رفع أمره للسلطات المعنية، المتمثلة في وزارة الأوقاف، فهي الجهة المخولة بعزل المشايخ وتمكينهم، والله أعلم.
السؤال الرابع:
ما حكم التهليل قبل صلاة الفجر، وليلة الجمعة، مع ذكر الصحابة والأولياء؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن ذكر الله مشروع في كل وقت وحين، لكن التزام التهليل على هيئات معينة بألفاظ معينة في أوقات معينة، مما لم يرد نص من الشارع فيه؛ لهو مِن البدع المنهيّ عنها في الشرع المطهر، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) [البخاري:2499]، قال ابن الماجشون رحمه الله: “سمعت مالكا يقول: “من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم)، فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا” [الاعتصام:49/1]، والله أعلم.
السؤال الخامس:
ما حكم ختم القرآن بتوزيعه على القارئين فيما يسمى بـ(التاليف)، ثم بعد ختمه يقرؤون الخواتيم جماعية؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن قراءة القرآن على الأموات مختلف فيها بين أهل العلم، وكثير من المتأخرين يقولون بوصول ثوابها، قياسًا على ثواب الصدقة عن الميت، والصوم عنه، فمن أراد أن يقرأ القرآن، ويهدي الثواب؛ فليفعل ذلك بنفسه، أو مع أهله، أما أن يأتي بجماعة أو فرقة، تجعل ذلك مهنة أو حرفة للتأكل بالقرآن، فذلك منهي عنه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَغْلُوا فِيهِ، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ) [أحمد:15529]، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة. وحديث: (اقرؤوا يس على موتاكم) محمول على القراءة عند الاحتضار، لكن إسناده ضعيف، ووردت آثار في القراءة وقت الدفن، لكن بشرط عدم المواظبة؛ حتى لا تكون سنةً يُنكر على مَن تركها، وأن تكون القراءة سليمة، والقراءة الجماعية لا تسلم في الغالب من المخالفات، وما ورد في السؤال من الخواتيم الجماعية، فهي من المحدثات المنهي عنها، قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ) [البخاري: 2499]، والله أعلم.
السؤال السادس:
ما حكم الزواج مِن الفرقة التيجانية من المتصوفة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن صاحبِ البدعة؛ إن كانت بدعته مكفرةً فالنكاح باطلٌ، وإن كانت بدعته مفسقةً فهو ليس بكفءٍ فلا يَنكح ولا يُنكح؛ لما في البدعة من الخطر على المتزوج، وعلى الأولاد فيما بعد، ولذا كان الإمام مالك رحمه الله يقول: ” لَا يُنْكَحُ أَهْلُ الْبِدَعِ وَلَا يُنْكَحُ إلَيْهِمْ وَلَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ” [المدونة:177/1]، والله أعلم.
السؤال السابع:
ما حكم من عقد على امرأة حامل من الزنا، ودخل بها وهي حامل؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فلا يجوز نكاح الحامل قبل وضع حملها، لما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً) [أبوداود:2157]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ) [أبوداود:2158]، ومن عقد على امرأة قبل خروجها من عدتها فعقدها باطل، ومن نكحها فرق بينهما أبدا، والحامل تخرج من عدتها بوضع حملها، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِى عِدَّتِهَا فَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا الَّذِى تَزَوَّجَهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الأَوَّلِ ثُمَّ كَانَ الآخَرُ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنَ الأَوَّلِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنَ الآخَرِ ثُمَّ لاَ يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا” [الموطأ: 1121]، والله أعلم.
السؤال الثامن:
ما حكم العقد على المرأة بإذن أخيها ووجوده، مع العلم أن الأب رافض لهذا العقد؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن أحق الناس بالولاية في تزويج المرأة البكر أبوها، ولا يحل لها أن تعدل عنه، إلا إن عضلها، ومعنى العضل: منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه، “قَالَ سَحْنُونٌ: أَكْثَرُ الرُّوَاةِ يَقُولُونَ: لَا يُزَوِّجُهَا وَلِيٌّ، وَثَمَّ أَقْرَبُ مِنْهُ، فَإِنْ فَعَلَ نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ” [الاستذكار:35/16]، ويلزم من وقع في هذا تجديد العقد في حضور وليها المجبر؛ تصحيحًا لهذا النكاح،؛ لأن نكاحها الأول باطل، قال الدردير رحمه الله: “(فَلَا) يَصِحُّ النِّكَاحُ بِالْأَبْعَدِ مَعَ وُجُودِهِ فِي شَرِيفَةٍ لَا دَنِيئَةٍ. (وَفُسِخَ أَبَدًا) مَتَى اُطُّلِعَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ مِائَةِ سَنَةٍ” [بلغة السالك لأقرب المسالك: 364/2]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
أحمد محمد الكوحة
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
04/ربيع الأول/1437هـ
15/ديسمبر/2015م