بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2731)
السيد المحترم/ مدير مكتب الأوقاف والشؤون الإسلامية، طرابلس.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المرفق معها عقد الإيجارات الخاصة بقسم العقارات، وطلبكم النظر في بنود العقد، خاصة فيما يتعلق ببند الصيانة؟
والجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإنه بدراسة بنود العقد المرفق تبين التالي:
– جاء في المادة (10) المتعلقة بالصيانة ما نصه: (يلتزم الطرف الأول بصيانة الأضرار الخارجية للمبنى الناتجة عن استهلاك المبنى، كما يلتزم بصيانة المرافق المشتركة كالمداخل والمصاعد والسلالم والأسطح، ويلتزم الطرف الثاني على نفقته بصيانة جميع الأضرار الداخلية للمبنى بما في ذلك شبكات المياه والصرف الصحي والأعمال الحديثة والخشبية وغير ذلك من الصيانات الأخرى التي يحتاجها المبنى من الداخل).
فإن الإجارة هي تمليكٌ لمنافعَ مباحةٍ مدةً معلومةً بعوضٍ، ويدُ المستأجر يدُ أمانةٍ، فالعين المستأجرة تكون أمانةً في يدِ المستأجر، ويدُ الأمانة لا ضمانَ عليها إلا في حالتي التعدي والتفريط؛ قال ابن القاسم رحمه الله: “لاَ يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ إلاَّ أَنْ يَتَعَدَّى، أَوْ يُفَرِّطَ” ]المدونة:427/3]، وعليه؛ فلا يجوز شرعاً إلزام المستأجر بالصيانة الأساسية التي يتوقف عليها الانتفاع بالعين المؤجرة خلال مدة الإجارة، وتفسد الإجارة بهذا الشرط باتفاق الفقهاء، مثل إصلاح الجدار المهدوم، وترميم السقف الذي لا يمنع نزول الماء، وكذلك ما له عمر افتراضي ينتهي بمروره، كشبكات المياه والصرف الصحي، ونحو ذلك، فهذه الترميمات الضرورية للانتفاع بالعين المؤجرة، لازمةٌ للمالك، ولا يجوز تحميلها على المستأجر، وأما الصيانة التشغيلية وهي صيانة وتغيير الأشياء التي تستهلك، وتتلف بسبب الاستعمال، كتغيير وإصلاح أجهزة ومفاتيح الإنارة الكهربائية وأيدي الأبواب والشبابيك والحنفيات والدهان وتغيير بلاطة كُسرت ونحو ذلك، فهذه يجوز اشتراطها على المستأجر؛ جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي الدولي: “الصيانة إذا كانت من النوع الذي يتوقف عليه استيفاء المنفعة فإنها تلزم مالك العين المؤجرة من غير شرط، ولا يجوز اشتراطها على المستأجر، أما الصيانة التي لا يتوقف عليها استيفاء المنفعة، فيجوز اشتراطها على أي من المؤجر أو المستأجر إذا عينت تعيينا نافيا للجهالة” [قرار رقم: 103 (6/11)].
وجاء في القرار رقم: 170 (8/18): “يجب في حالة الإجارة أن يلتزم المؤجر بتكاليف الصيانة الأساسية التي يتوقف عليها الانتفاع، أما الصيانة التشغيلية والدورية فيجوز اشتراطها على المستأجر، وإذا قام بها المؤجر فلا يتحمل المستأجر إلا تكلفة المثل أو ما يتفق عليه الطرفان”.
– جاء في المادة (16) ما نصه: (يكون القانون رقم (1972/124م) وتعديلاته، والقرارات الصادرة بمقتضاه، وكذلك القانون المدني الليبي مكملة لهذا العقد فيما لم يرد به نص خاص).
وهذا الإطلاق بالنسبة للقانون المدني الليبي لا بدَّ من تقييده بما لا يخالف الشريعة الإسلامية، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
غيث بن محمود الفاخري
نائب مفتي عام ليبيا
06/ربيع الأول/1437هـ
17/ديسمبر/2015م