طلب فتوى
التبرعاتالعباداتالفتاوىالمساجدالمعاملاتالوقف

حكم استخدام قبو المسجد في المناسبات الاجتماعية

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5473)

 

السّيّد المحترم/ مدير مكتب الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية نالوت.

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تحيّة طيّبة، وبعد:

فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة ما يلي:

مسجدان من مساجد المدينة بهما في القبو صالتان لتحفيظ القرآن، تستغلان كثيرًا في المناسبات الاجتماعية، ويصاحب ذلك بعض التصرفات المذمومة، وربما وصل الأمر إلى التدخين داخل سور المسجد، فما حكم ذلك؟ وهل يجوز بناء صالات المناسبات على الأراضي الموقوفة لبناء المساجد ومراكز تحفيظ القرآن، أو على الأراضي الملاصقة للمسجد الموقوفة عليه؟ علمًا بأن بناءها تسبب في إيذاء طلبة وطالبات مراكز تحفيظ القرآن، ومضايقة المدرسات، وإيذاء الجيران بالازدحام وغيره، وما حكم بنائها على أرض الوقف العام؟

فالجواب كالآتي:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن كانت الأرض محبسة لبناء مسجد أو مركز لتحفيظ القرآن أو لمصلحة المسجد، فلا يجوز التصرف فيها في غير ما حبست عليه، ولا يجوز إبطال حبسيتها ببناء صالة للمناسبات الاجتماعية عليها، والبناء عليها لهذا الغرض أو غيره غصبٌ للوقف وتعدٍّ عليه؛ فهدمه واجبٌ، قال الله تعالى: ﴿فَمَنم بَدَّلَهُو بَعْدَ مَا سَمِعَهُو فَإِنَّمَا إِثْمُهُو عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُو إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 181]، قال ابن الحاجب رحمه الله: “وَمَهْمَا شَرَطَ الْوَاقِفُ مَا يَجُوزُ لَهُ اتُّبِعَ كَتَخْصِيصِ ‌مَدْرَسَةٍ ‌أَوْ ‌رِبَاطٍ أَوْ أَصْحَابِ مَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ” [جامع الأمهات: 450].

وقبو المسجد لا يجوز استعماله في غير ما يتعلَّقُ بالمسجد من صلاة وتحفيظ للقرآن وغير ذلك من مصالح المسجد، واستعماله في المناسبات ليس فيه مصلحةٌ للمسجد، بل إضرار به؛ لما فيه من مضايقةٍ لطلبة القرآن، وفعلٍ للمحرّمات كالتدخين.

وأما بناؤها على أرض موقوفة وقفًا عامًّا فلا يجوز؛ ويجب هدمها إذا بُنِيَتْ؛ لأن الوقف إذا عُيِّنَ له مصرفٌ وجب الاقتصار عليه، وإذا لم يُعَيَّنْ له مصرِفٌ صُرِف على فقراء المسلمين، قال الدردير رحمه الله: “(وَلَا) يُشْتَرَطُ فِيهِ (تَعْيِينُ الْمَصْرِفِ) فِي مَحَلِّ صَرْفِهِ، فَجَازَ أَنْ يَقُولَ: أَوْقَفْتُهُ لِلَّهِ تَعَالَى، مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مَنْ يُصْرَفُ لَهُ، (وَصُرِفَ فِي غَالِبٍ): أَيْ فِيمَا يُصْرَفُ لَهُ فِي غَالِبِ عُرْفِهِمْ، (وَإِلَّا) يَكُنْ غَالِبٌ فِي عُرْفِهِمْ (‌فَالْفُقَرَاءُ) يُصْرَفُ عَلَيْهِمْ” [الشرح الصغير: 4/106]، وبناء الصالات ليس من مصارف الوقف في بلادنا، فبناؤها على أرض الوقف تعدٍّ، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

09//رجب//1445هـ

21//01//2024م 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق