طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

هل النفقة واجبة للناشز؟ وهل يجب لها مؤخر الصداق والهدايا لو طلقت؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5477)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

وقع خلافٌ بيني وبين زوجتي، فنقلتُها إلى بيتِ أهلِها، وأصرّتْ على البقاءِ عندهم، وأخبرتُها رفضِي خروجَها من البيتِ إلّا لمرضٍ، وبعدَها سمعتُ أنها ذهبتْ لعرسٍ في صالةِ مناسباتٍ بزينتِها، وبدونِ إذني، فما حكمُ ذلك؟ وهي تقدمُ كلامَ أمّها وأخوالِها على كلامي، وهل تجبُ النفقة عليها في هذه الحالة؟ وما حكمُ الذهبِ الذي أهديتُه لها وكذا مؤخرُ الصداق، إذا حصلَ الطلاقُ بيننا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنْ كان الحال كما ذُكر؛ فما تفعلُه الزوجةُ من عصيانِ زوجِها، وهجرِها بيتَه، وتقديمِها كلامَ أهلها، يُعدّ نشوزًا محرّمًا، قال تعالى: (وَٱلَّٰتِي ‌تَخَافُونَ ‌نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهۡجُرُوهُنَّ فِي ٱلۡمَضَاجِعِ وَٱضۡرِبُوهُنَّۖ)  ‏[‏النساء‏:‏ 34‏]، وأمرُ الزوجِ لزوجته بعدم الخروج إلا بإذنه، هو من الغَيرةِ المحمودة، والقوامةِ التي جعلَها الله للرجال، قال الله تعالى: (ٱلرِّجَالُ ‌قَوَّٰمُونَ عَلَى ٱلنِّسَآءِ بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعۡضَهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖ وَبِمَآ أَنفَقُواْ مِنۡ أَمۡوَٰلِهِمۡۚ) [النساء:34]، ولأنه الراعي على أهل بيته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ) [البخاري: 7138]، كما لا يحلُّ لأهل المرأة تحريضُ ابنتهم على ما يكرهُه الزوج، والواجبُ إصلاحُ ذات بينهما، قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ ‌وَأَصْلِحُوا ‌ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ [الأنفال: 1]، بل فعلُهم هذا مِن تخبيبِ الزوجةِ على زوجها، وهو محرمٌ، قال النّبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ خَبَّب زَوْجَة امْرِىءٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا) [أبوداود: 5170]، والتّخبيبُ: إفسادُ العلاقةِ بين الزوجينِ.

أما فيما يخص حقوقها؛ فإن النشوز يُسقط النفقة عليها، قال ابن عبد البر رحمه الله: “وَمَنْ نَشَزَتْ عَنْهُ امْرَأَتُهُ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا سَقَطَتْ عَنْهُ نَفَقَتُهَا، إِلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا” [الكافي: 2/559].

وإذا وقع الطلاق؛ فما بقي من المهر على الزوج هو دين عليه يجب أداؤه، إلا إذا تنازلت عليه الزوجة له.

وأما ما أعطاه الزوج لزوجته من ذهب، فهو لها إن كان على وجه التمليك؛ كالمهرِ والهدية بعد الدخول، قال الدردير رحمه الله: “فَإِنْ بَنَى بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا [أي الهدية]، وَلَوْ قَائِمَةً، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ” [شرح مختصر خليل: 2/321]، إلا إذا أَعطَى الهديةَ لها على وجهِ العاريةِ للتحلّي بها لا التمليك وذكرَ لها ذلك، فإنّ مِن حقّه أنْ يستردَّها، واللهُ أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

17//رجب//1445هـ

29//01//2024م    

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق