هل يقعُ الطلاقُ على المرأة إذا كان بحكم القاضي؟ وهل تعتد الزوجة به؟ وهل تستحق النفقة والميراث؟
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الفتوى (5479)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
أنا محامٍ، وغالبًا ما تحدثُ هذه الأحداثُ ولا إجابةَ للمحامين عنها، وهي: هل يقعُ الطلاقُ على المرأة إذا كان بحكم القاضي، ثمّ استأنفَ أحد الزوجين هذا الحكم، فاستمرّ النظر في الدعوى المستأنفة مدّةً من الزمن؟ وهل تعتدّ المرأةُ بمجرَّد الحكم الجزئي بالطلاق الذي حكم به القاضي؟ وهل تستحق النفقة في فترة النظر في الدعوى المستأنفة؟ وهل يتوارثُ الزوجانِ إذا مات أحدُهما في هذه الفترة؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإذا حكم القاضي بالطلاق، فإنَّ حكمه ماضٍ شرعًا، ولا يجوز الاستئنافُ عليه ولا نقضُه إلَّا إذا كان الحكمُ مخالفًا للنصّ الصريح أو الإجماع أو القياس الظاهر الواضح، قال القرافي رحمه الله مبيِّنًا ما يُنقض فيه قضاءُ القاضي: “وَهْوَ الْحُكْمُ الَّذي خَالَفَ أَحَدَ أَرْبَعَةِ أُمُور: إِذَا حَكَمَ عَلَى خِلَافِ الإِجْمَاعِ يُنقضْ قَضَاؤُه، أَوْ خِلَافِ النصِّ السَّالمِ عَنِ الْمُعَارِضِ، أو القياسِ الْجَلِي السَّالِم عَنِ الْمُعارِض، أَوْ قَاعِدة مِنَ الْقَوَاعِدِ السَّالِمَةِ عَنِ الْمُعَارِضِ” [الفروق: 4/40].
وإذا حكم القاضي بالطلاق فالمرأة تدخل في العدّة فور الحكم بالطلاق.
والقاعدةُ العامَّةُ في تطليق القاضِي الناشئ عن الخصومة: أنَّه يكونُ بائنًا بينونةً صغرَى، إلَّا في الطلاقِ على المُولي، أو الطلاقِ بسبب عدم الإنفاقِ على الزوجة، فإنَّه يكونُ رجعيًّا، قال الخرشي رحمه الله: “كُلَّ طَلَاقٍ حَكَمَ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ بِإِنْشَائِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا إلَّا الطَّلَاقَ عَلَى الْمُولِي وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ عَلَيْهِمَا رَجْعِيٌّ” [شرح الخرشي على مختصر خليل: 4/16].
وتستحقُّ المرأةُ النفقةَ إذا كان الطلاق رجعيًّا حتى تخرجَ من عدَّتها، وأمَّا إذا كان الطلاقُ بائنًا فلا نفقةَ لها، إلّا إذا كانت حاملًا، قال ابن جُزَيّ رحمه الله: “الْمُطَلَّقَةُ إِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهَا النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ بَائِنَةً فَلَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ إِلَّا إِنْ كَانَتْ حَامِلًا” [القوانين الفقهية:147].
ومثلُ النفقةِ الميراثُ، فيقعُ التوارثُ بين الزوجين في الطلاقِ الرجعي إذا تُوُفّي أحدُهما أثناء العدّة، فإذا انقضتِ العدّة أو كان الطلاقُ بائنًا فلا توارثَ بينهما، قال ابن عبد البر رحمه الله: “ولِلْمُطَلَّقَةِ الَّتِي يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، وَيَتَوَارَثَانِ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ، فَإِذَا انْقَضَتِ الْعِدَّةُ وَقَعَتِ الْبَيْنُونَةُ وَسَقَطَتِ الْمُوَارَثَةُ” [الكافي: 518/2]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
18//رجب//1445هـ
30//01//2024م