طلب فتوى
البيعالغصب والتعديالفتاوىالمعاملات

حكم بيع العقار المغصوب لغير الغاصب

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5497)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أملك أرضًا بمنطقة الفلاح، ولديّ فيها شهادة عقارية قديمة، من أيام الجمهورية الليبية، غير أن النظام السابق غصبها وفق قانون رقم (4)، ولم يتم تعويضي حتى الآن، وبعد ثورة 17 فبراير؛ رفعت دعوى على مَن في الأرض، فصدر الحكم لصالح الدولة الليبية، لأن في الأرض شهادةً عقارية وفق القانون المذكور، وقد جاءني الآن مَن يريد شراء الأرض، ويقول إن لديه القدرة على استرجاعها من الدولة ما دمتُ أملك شهادة عقارية فيها، فما حكم بيع الأرض لهذا المشتري؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإن القانون المذكور من القوانين الجائرة، التي أباحت ممتلكات الناس ظلمًا وعدوانًا، فاغتصب بموجبه العديدُ من الناس ممتلكات الآخرين، وكل ما حصل بموجب هذا القانون مِنْ تَمَلُّكٍ للأملاك بدون رضا أصحابها يعد باطلاً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ) [البيهقي: 5492].

ولا يجوز بيع الشيء المغصوبِ لغير غاصبه، لعدم القدرة على تسليمه، ومن شروط صحة البيع؛ القدرةُ على تسليم المبيع، ولذلك جاء النهي عن أن يبيع أحد ما ليس عنده [النسائي: 4631]؛ لأنه قد يعجِز عن تسليمه، وبيع المغصوب لا يجوز لو قدر المشتري على خلاصه، قال خليل رحمه الله: “وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْغَاصِبِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي يَقْدِرُ عَلَى خَلَاصِهِ بِجَاهِهِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِبخسٍ فَيَكُونُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْجَاهِ” [التوضيح: 5/212].

وعليه؛ فإنْ كان الحالُ كما ذكر؛ فلا يجوز للسائل بيع الأرض لغير غاصبها، وعليه الرجوعُ إلى القنوات المعتادة في استرداد الحقوق، واللجانِ القائمةِ على النظر في هذه القضايا، وبذلُ الجهد في سبيل ذلك حتى يستردّ حقه، ثم يجوز له بيعُها لمن شاء، ويجوزُ له أن يُوَكِّلَ طالبَ الشراء في محاولة استرجاعها مقابلَ أجرة، ما دام قادرًا على ذلك دون دفع رشوة، لكن الغالب في هذه الأوقات؛ أن من يقدر على تخليص المغصوب الذي عجز صاحبه عن تخليصه، إنما يستعمل في تخليصه الرشوة أو النفوذ والسلطان، وكلّ ذلك لا يجوز دفع الأجرة عليه.

وفي حال إرجاع الأرض لصاحبها بواسطة هذا الشخص أو غيره؛ جاز لصاحبها بعد ذلك أن يبيعَها لمن شاء، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

عبد الرحمن بن حسين قدوع

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

01//شعبان//1445هـ

11//02//2024م   

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق