طلب فتوى
الحدود و الجناياتالصلحالفتاوىالمعاملاتالمواريث والوصايا

هل يجوز للوصي على أولادة القُصَّر أن يصالح الجاني على أقلّ من الدّية الشّرعية؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5499)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

توفيتْ زوجتي وهي حاملٌ في الشهر الرابع، بحادثِ سَير، ولي منها أبناء قُصّر، وأنا الوصيُّ عليهم بحكم المحكمة، وطلبَ مني الجاني التنازلَ عن الدية، فرفضتُ التنازل، وتصالحت معه على مبلغٍ قدره 60 ألفَ دينارٍ، فهل يجوز لي التنازل على الدية، أم لا؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فللوصي التنازلُ عن حقّه فقط، ويكون في حدود نصيبه من التركة باعتباره وارثًا، أمّا نصيب أبنائه القُصَّر في الدية، فليسَ له التنازلُ عنه؛ لأنه مِن التبرعِ في مالِ المحجورِ، وفيه تضييعٌ لحقوقهِ، إلا إذا احتاج القصّر إلى مال الصلح الذي هو أقل من الدية لقُوتِهم ومعيشتهم، أو خِيفَ من عدم المصالحة بأقلّ من الدية ضياع حقهم كله ولا يتحصلون على شيءٍ كأن يكون الجاني معسرا أو ظالما لا يُقدر على أخذ الدية منه كاملة، فللوصيِّ حينئذ أنْ يُصالحَ على أقل من الدّية، قال الزرقاني رحمه الله: “(وَلاَ يَعْفُو) الْوَلِيُّ مَجّانًا أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنَ الدِّيَةِ إِلاَّ لِعُسْرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ أَيْ عُسْرِ الْجَانِي وَيَحْتَمِلُ عُسْرَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ” [شرح الزرقاني على المختصر: 5/538]، وقال أشهب رحمه الله: “وَأَمَّا إِن كَانَتِ الدِّيَةُ مِمَّا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ في سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، فَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَتَعَجَّلَ مِنَ الْعَاقِلَةِ لِلصَّبِيِّ مَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ وَفِيهِ لَهُ مَصْلَحَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبْلَغَ الدِّيَةِ إِذَا خِيفَ فِي اتِّبَاعِهِم بِهِ ضَيَاعُ ذَلِكَ، وَإِن كَانَتِ الْعَاقِلَةُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَبَقَاؤُهُ عَلَيْهِمْ كَامِلاً مُؤَجَّلاً أَحْظَى لِلصَّبِي لَمْ يَجُزِ الصُّلْحُ” [انظر النّوادر والزّيادات: 14/114].

عليه؛ فيجوز للوصي أن يصالح الجاني على أقلّ من الدّية الشّرعية، إذا خشي ضياعها بمطالبة عاقلة الجاني، أو لِاحتياجِ الأبناء للمال، ويكون الصلح مع الجاني؛ لأنّ العاقلة لا تحمل صلحًا عند جمهور العلماء، وإذا تصالحوا على شيءٍ فيجب دفعه معجّلًا، دون تأجيلٍ ولا تقسيطٍ؛ لمَا يترتبُ على التأجيل في الصلح عن الدية من الصرف المؤخّر، أو فسخ ما في الذمة في مؤجل، إن قُدّرت الدية من الإبل، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

أحمد بن ميلاد قدور

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

02//شعبان//1445هـ

12//02//2024م  

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق