بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5506)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
دفعت مبلغ عربون عن شراء بيت، ولم يتم الشراء، فهل يرجع العربون أو لا؟ وما حكم العربون في المذهب المالكي؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فبيع العربون منهي عنه إنْ كان على أنّ المشتريَ إنْ كرهَ البيع لا يرجعُ إليه ما دفع؛ لما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ) [الموطأ: 2257]، وفيه غرر وأكلُ مال بالباطل، وبعد التعاقد يجبُ رد المبيع والعربون، فإن لم يمكن رد المبيع مضى البيع بالقيمة لا بالثمن؛ لأنه بيع فاسد، قال الخرشي رحمه الله: ” وَهوَ أَن يَشتَريَ سِلعَةً بِثَمَنٍ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعْطِي الْبَائِعَ، أَوْ غَيْرَهُ شَيْئاً مِنَ الثَّمَنِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ، إِنْ كَرِهَ الْبَيْعَ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ مَا دَفَعَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ الْبَيْعَ حَاسَبَهُ بِهِ مِنَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَغَرَرٌ، قَالَ عِيسَى: وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ، فَإِنْ فَاتَتْ مَضَتْ بِالْقِيمَةِ، وَمِثْلُ قَوْلِهِ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ يَتْرُكُهُ لَهُ مَجَّاناً” [شرح مختصر خليل: 5/78].
وفي مذهب علمائنا المالكية العربون جائز إن كان على أنّ المشتري إن أمضى البيع حسب من الثّمن، وإن لم يتمّ البيع ردّ العربون؛ لأنّه لا ضرر فيه ولا غرر، وفي هذه الحالة إن كان العربونُ نقوداً يجب أن يوضَعَ عِندَ أَمِينٍ ولا يَأخُذهُ الْبَائِعُ، وإذا أخذه البائع فيجب أن يُوضَعَ فِي ظَرفٍ ويختم عليه حتّى لا يتصرّف فيه، قال العدوي رحمه الله: “وَأَمَّا إِنْ أَعْطَاهُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَرِهَ الْبَيْعَ أَخَذَهُ وَإِنْ رَضِيَهُ حَاسَبَهُ بِهِ مِنَ الثَّمَنِ، فَلَا بَأْسَ، وَيُخْتَمُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ لاَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِئَلَّا يَتَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ” [حاشيته على الخرشي: 5/78].
عليه؛ فلا يجوز للبائع أخذ العربون إذا لم يتم البيع، ومن حق كل طرفٍ أن يفسخ العقد إذا لم يلتزم الطرف الآخر بما اتّفق عليه؛ لقول النّبي صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عِندَ شُرُوطِهِمْ إِلاَّ شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا) [أبوداود: 3594]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
عبد العالي بن امحمد الجمل
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
09//شعبان//1445هـ
19//02//2024م