بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5540)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
هل تكبيرة الإحرام شرطٌ في سجود الشكر؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فسجود الشكر مشروع عند جمهور الفقهاءِ من الحنفية والشافعية والحنابلة، فعند الشافعية تُسنُّ سجدةُ الشكر، ويثْبتُ لها ما لسجدة التلاوة من أحكام، قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: “(وَهِيَ) أَيْ سَجْدَةُ الشُّكْرِ (كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ) الْمَفْعُولَةِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي كَيْفِيَّتِهَا وَوَاجِبَاتِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا” [نهاية المحتاج: 2 / 218]، وسجدة التلاوة عند الشافعية خارج الصلاة تُشترطُ فيها النية والسلام، وقال النووي رحمه الله: “وَمَنْ سَجَدَ خَارِجَ الصَّلَاةِ نَوَى وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ رَافِعًا يَدَيْهِ، ثُمَّ لِلْهُوِيِّ بِلَا رَفْعٍ، وَسَجَدَ كَسَجْدَةِ الصَّلَاةِ، وَرَفَعَ مُكَبِّرًا، وَسَلَّمَ، وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ شَرْطٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا السَّلَامُ فِي الْأَظْهَرِ، وَتُشْتَرَطُ شُرُوطُ الصَّلَاةِ” [منهاج الطالبين: 35].
ولا يقول المالكية بسجود الشكر، ففي المدونة: “قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ سُجُودِ الشُّكْرِ يُبَشَّرُ الرَّجُلُ بِبِشَارَةٍ فَيَخِرُّ سَاجِدًا؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ” [1 / 197]. واستدل الإمام مالك رحمه الله على ما رآه بالعمل؛ حيث إنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه عندما فتح عليهم أنهم سجدوا سجدة شكر، ولو كان ذلك لنقل عنهم؛ لأنه من أمر الناس الذي لا يخفى لو وُجد، وما نقل من سجود أبي بكر الصديق رضي الله عنه لمّا جاءه قتل مسيلمة الكذاب لم يثبت عند الإمام مالك رحمه الله [ينظر البيان والتحصيل: 1 / 193]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
عبد العالي بن امحمد الجمل
أحمد بن ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
26//شعبان//1445هـ
07//03//2024م