متى يُحكم بوفاة المخطوف
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2832)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
أخي تاجرُ ذهب وعملة، تمّ خطفه منذُ أكثر مِن ثلاث سنوات، ولا ندري أحيٌّ هو أم ميت، وذلك بعد البحث والتحري، وإبلاغ جهات الاختصاص، وقد ذكر لنا أحد رجال الأمن – عدة مرات – أن المجرمين قتلوه تحت التعذيب خطأً، وهم يُساومونه على دفعِ فدية، وذكر أيضًا صديق له – كان مخطوفًا قبل سنة – أن المجرمين قالوا له: إذا لم تدفع الفدية المطلوبة سنقتلك؛ كما قتلنا صديقك فلان، فهل يحكم بوفاته؟ وإذا حكم بوفاته، فهل ترثه أخته لأبيه؟ علمًا بأنه لم يترك معها إلا أخوين شقيقين.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن المفقود في بلاد المسلمين، الذي لا يعلم حاله، لا يحكم بوفاته ولا يورث، إلّا بانقضاء مدة التعمير، وهي سبعون سنةً على المشهور؛ ويكون ذلك بحكمٍ من القاضي، ويرثه بعد بلوغ هذه السن من كان حيًّا بعد الحكم بموته؛ قال ابن رشد رحمه الله: “وأما ماله، [أي: المفقود] فموقوف، لا يورث عنه حتى يتحقق موته، أو يأتي عليه من الزمان ما لا يحيا إلى مثله، واختلف في حد ذلك، فروي عن ابن القاسم سبعون سنة، وقاله مالك، وإليه ذهب عبد الوهاب، واحتج له بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين)؛ إذ لا معنى لقوله إلا الإخبار بما يتعلق به الحكم..”[المقدمات والممهدات:531/1]، وقال ابن القاسم رحمه الله: “وإنما يرث المفقودَ ورثتُه الأحياء يوم جعلته ميتا، قال: وهذا قول مالك” [المدونة:33/2].
والواجب على القضاة النظر في أحوال المفقودين، وتعيين من ينظر في أموالهم، ويحفظها من الضياع، قال أبو سعيد البراذعي رحمه الله: “وينظر الإمام في مال المفقود، ويجمعه ويوقفه، كان بيد وارث أو غيره، ويوكل به من يرضاه، وإن كان في ورثته من يراه لذلك أهلًا أقامه له، وينظر في ودائعه وقراضه، ويقبض ديونه، ولا يبرأ من دفع من غرمائه إلى ورثته، لأن ورثته لم يرثوه بعد” [التهذيب في اختصار المدونة :432/2].
ولا ترث الأختُ لأبٍ مع وجود الأخ الشقيق، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد محمد الكوحة
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
20/جمادى الأولى/1437هـ
29/فبراير/2016م