طلب فتوى
الأسرةالطلاقالفتاوىالنكاح

هل يرث زوجته التي طلقها حال الغضب والحيض ولم يرجعها في عدتها؟

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5561)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

حصل خلاف بيني وبين زوجتي، فطلَّقتُها وأنا غاضب طلقة واحدةً وهي حائضٌ، فرجعتْ إلى بيت أهلها، وبقيت فيه سنة ونصفًا، لم أرجعها إلى عصمتي خلالها، ثم توفيتْ بعد ذلك، فما حكم هذا الطلاق؟ علمًا أن هذه الطلقة هي الثانية.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فالعقلُ هو مناطُ التكليفِ والمؤاخذةِ بالأقوالِ والأفعال، فإن كان المطلِّقُ يعِي ما يقول، ويقصدُ ما يتكلمُ به؛ فالطلاق واقعٌ، وأما إن كان المطلقُ شديدَ الغضب وقتَ الطلاق، إلى درجةٍ لا يعِي فيها ما يقولُ، ولا يشعرُ بما يصدرُ منه؛ فالطلاقُ لا يقعُ؛ لأنه صارَ في حكم المجنونِ فاقدِ العقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ) [الترمذي: 142]، وقال الصاوي r: “يَلْزَمُ طَلَاقُ الْغَضْبَانِ، وَلَوِ اشْتَدَّ غَضَبُهُ… وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَغِبْ عَقْلُهُ، بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ” [حاشية الصاوي:  449/1].

والطلاق زمن الحيض أو النفاس حرامٌ؛ لمخالفته أمر الله تعالى في قوله: ﴿‌فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾  [الطلاق: 1]، أي في الطهر مستقبلاتٍ لعدتهنّ، ولكن الطلاق يعتد به إذا وقع، وهو مذهب جماهير العلماء، من الأئمة الأربعة وغيرهم؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه طلق زوجته وهي حائض، فذكر عمر رضي الله عنه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: (لِيُرْجِعْهَا) قلت: تُحتَسَبُ؟ قال: (فَمَهْ؟) [البخاري: 4954]، قال الإمام النووي رحمه الله: “أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ طَلَاقِ الْحَائِضِ الْحَائِلِ، فَلَوْ طَلَّقَهَا أَثِمَ، وَوَقَعَ طَلَاقُهُ، وَيُؤْمَرُ بِالرَّجْعَةِ؛ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما المذْكُورِ فِي الْبَابِ” [شرح النووي على صحيح مسلم: 60/10].

عليه؛ فالطلاق واقعٌ؛ لأن الزوج كان مُدرِكًا لما يقول؛ ولوقوعه شرعًا على الحائض، وتعد الزوجة بهذا الطلاق قد بانت منه لطول المدة قبل موتها، فلا ميراث بينهما، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد العالي بن امحمد الجمل

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

01//رمضان//1445هـ

12//03//2024م  

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق