بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2836)
السيد المحترم/ مدير مكتب الأوقاف والشؤون الإسلامية، طرابلس.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تحية طيبة، وبعد:
فبالنظر إلى مراسلتكم المتضمنة السؤال عن مقبرة قديمة، واقعة في مخطط الطريق الدائري الثالث، قامت الدولة بإزالة معظم القبور التي بها لأجل ذلك، ثم قامت الثورة فتعطل المشروع، وتحولت المقبرة إلى مأوى للمجرمين، والطلبة الهاربين من مدارسِهم، ومكبٍّ للقمامة، ومخلفات البناء، فطالب أهل المنطقة ومختار المحلة بإعطاء الإذن لهم في تنظيفها، والاستفادة منها في الصالح العام، بتحويلها إلى ملعب رياضي وموقف للسيارات، فما حكم ذلك؟ وإن لم يجز ذلك، فهل يجوز لناظر الوقف تأجيرها واستغلالُها؟
والجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن كان الواقع ما ذكر في السؤال، وتمت إزالة القبور، فيجوز تنظيف المكان واستغلاله في الصالح العام، إلى أن يتم تنفيذ المخطط، وبهذا قال جمهور الفقهاء؛ قال ابن عابدين الحنفي رحمه الله: “وقال الزيلعي: ولو بلي الميت، وصار ترابًا، جاز دفن غيره في قبره، وزرعه، والبناء عليه” [رد المحتار على الدر المختار:233/2]، وقال النووي الشافعي رحمه الله: “يجوز نبش القبر إذا بلي الميت، وصار ترابا، وحينئذ يجوز دفن غيره فيه، ويجوز زرع تلك الأرض، وبناؤها، وسائر وجوه الانتفاع والتصرف فيها باتفاق الأصحاب، وإن كانت عارية رجع فيها المعير، وهذا كله إذا لم يبق للميت أثر من عظم وغيره” [المجموع شرح المهذب:303/5]، وقال الحجاوي الحنبلي رحمه الله: “وإذا صار رميما جازت الزراعة وحرثه وغير ذلك، وإلا فلا، والمراد إذا لم يخالف شرط واقف؛ لتعيينه الجهة” [الإقناع:235/1].
وعليه؛ فلا بأس في اتخاذها موقفًا للسيارات، أو غيره مما يخدم الصالح العام، ولا ننصح بإنشاء ملعب رياضي؛ لأن هذه التجمعات الشبابية لا تنفك غالبًا عن المنكرات، كالسبّ والشتم والخصوماتِ، أو القمار، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
20/جمادى الأولى/1437هـ
29/فبراير/2016م