بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (2850)
ورد إلى دار الإفتاء السؤال التالي:
توجد مكبرات صوت بمسجد (الزرُّوق) بمصراتة في ثلاثة أماكن؛ الأول: داخل المسجد، وتُسمِع مَن بداخله، الثاني: عند أبواب المسجد من الخارج، وتُسمَع من مسافة تزيد على مائة متر، الثالث: فوق المسجد، وتُسمَع من مئات الأمتار، حتى إنها تشوش على المساجدِ المجاورة عند فتحها، وفي الفترة الأخيرة كثرَ استعمالُ المكبراتِ التي فوقَ المسجد؛ في الدروسِ وتلاوةِ القرآن ومسابقاته، وفي الصلواتِ الخمس والتراويح والتهجدِ، كما أنّها تستعملُ في إنشاد الضالة، والإعلان عن الأفراح والدعوة لها، والإعلان عن الموتى، والدعوة للصلاة على الجنائز، وقد أدى هذا إلى التشويش على مَن هم بالمساجد الأخرى القريبة، ومَن يدرسون بمكتبة القرية، ومن يذاكرون استعدادًا لامتحاناتهم، وتضرروا من ذلك.
عليه؛ نأمل منكم بيان أحكام فتحِ هذه الإذاعات في مثل هذه المناسبات.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن مِن السنّةِ، فيما يخص الأذان بالذات؛ انتشارُه وبلوغُه أقصى ما يمكن، فقد وَرَدَ أنه لا يسمعُ صوتَ المؤذنِ إنسٌ ولا جنٌّ إلا شهدَ له، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتخيّرُ مِن أصحابه مَن كان منهم أندى صوتًا للأذان، فقد قال صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن زيد رضي الله عنه: (فقم مع بلال فألقِ عليه ما رأيت، فليؤذنْ به، فإنه أندَى صوتا منك) [أبوداود:135/1]، ولأن ذلك أبلغ في إيصال الصوت للمستمعين، وفي صحيح البخاري: أن عثمان رضي الله عنه زاد أذانًا يوم الجمعة، وجعله على غرفة يقال لها الزوراء [912]، وذلك لتنبيه الناس، ولأنهم لن يسمعوا الأذان إذا أُذّن مِن المسجد؛ لازدحام الناس.
أما إقامة الصلاة فتكون داخل المساجد؛ لأنه لم يكن ينادَى لها على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجَ المسجد، إضافةً إلى ما قد يسببه ذلك مِن تكاسلِ البعضِ عن التبكير للمسجد، إلى أنْ يسمعوا الإقامة، فينبغي الاقتصار في غير الأذان على استخدام المكبِّرات داخل المسجد؛ لئلا يؤدِّي استعمالها في نشاطات أخرى أو إعلاناتٍ إلى التشويش على مَن هم في عبادة، في أماكن قريبة مِن المسجد؛ في صلاة أو قراءة قرآن أو مذاكرة، أو غير ذلك؛ قال صلى الله عليه وسلم: (ألا إن كلكم مناجٍ ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضًا، ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة، أو قال: في الصلاة) [أبوداود:38/2]، وقد يُؤْذي أصحابَ الأعذار، ممَّن يَسكنُ بجوارِ المسجد، مِن المرضى ونحوهم.
والنهي الوارد في السُّنة عن رفع الصوت الذي يخشى منه التشويش، يشمل رفع الصوت خارج المسجد؛ بالدروسِ وتلاوة القرآن ومسابقاته، وغير ذلك، عدَا الأذان المأمور برفع الصوتِ به.
ولا ينبغي استعمال المكبرات لإنشاد الضالة؛ لورود النهي عنه؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن سمعَ رجلًا ينشدُ ضالةً في المسجدِ، فليقُل: لا ردَّها اللهُ عليكَ، فإنّ المساجدَ لم تُبن لهذا) [مسلم:568]، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد ميلاد قدور
محمد علي عبد القادر
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
05/جمادى الآخرة/1437هـ
14/مارس/2016م