(بيان مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لدار الإفتاء الليبية بشأن إرسال زكاة الفطر إلى غزة )
بسم الله الرحمن الرحيم
(بيان مجلس البحوث والدراسات الشرعية التابع لدار الإفتاء الليبية بشأن إرسال زكاة الفطر إلى غزة )
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ؛ سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، أمّا بعد :
فإنهُ بالنظر إلى المجاعةِ التي يتعرّضُ لها أهلُ غزة، بسببِ الحصار الذي يفرضُه العدوُّ على القطاع، ومنعهم مِن الطعامِ والماءِ والدواءِ والمأوَى والكساءِ وضروراتِ الإنسانية، مع الخوفِ والفزعِ والموتِ، الذي يلاحقُهم صباحَ مسَاء، مِن عدوٍّ لا يألُو في المسلمينَ إلًّا ولَا ذِمّةً؛ فإنّ مجلسَ البحوثِ والدراسات الشرعيةِ بدار الإفتاء الليبية، يدعُو المسلمين كافةً في ليبيا وخارجها، إلى صرفِ زكاةِ الفطرِ هذا العام إلى أهلِ غزّة.
فإنّ نقلَ الزكاة إلى مَن هو أشد حاجةً من المسلمين، هو مذهبُ الإمامِين مالك وأبي حنيفة رحمهما الله؛ لقول الله تعالى: {إنَّمَا الصّدَقَاتُ للفقَراءِ والمسَاكِين}، فلفظُ الآية يعمُّ فقراءَ كلّ بلادِ المسلمين، ولأنّ معاذًا رضي الله عنه كان ينقلُ الصدقةَ مِن اليمنِ إلى المدينةِ؛ لأنّ أهل المدينةِ كانوا أحوجَ إليها مِن أهلِ اليمن؛ ولأنّ المقصودَ من الزكاة سدُّ الخَلّةِ، ومَن كان أحوجَ كانَ أوْلى بها، قال مالك رحمه الله في نقلِ الزكاة: “وإنْ بلغَه [أي الإمام] عن بعضِ البلدانِ أنَّ سنَةً وحاجةً نزلتْ بهم، فينقلُ إليهم جلّ تلكَ الصدقةِ، رأيتُ ذلك صوابًا؛ لأنّ المسلمينَ أسوة فيما بينهم إذا نزلتِ الحاجة” [التاج والإكليل لمختصر خليل: 3/ 244].
وقالَ سَحْنُون في مثلِ هذا الموضِع: “فَإِنَّ الحَاجَةَ إِذَا نَزَلَت وَجَبَ تَقْدِيمُهَا عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُحْتَاجٍ (وَالْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يُسْلِمُهُ وَلَا يَظْلِمُهُ)” [الجامع لأحكام القرآن: 175/8].
وقال في الدرِّ المختار: “(وَ) كُرِهَ (نَقْلُهَا إلَّا إلَى قَرَابَةٍ)… (أَوْ أَحْوَجَ) أَوْ أَصْلَحَ أَوْ أَوْرَعَ أَوْ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ (أَوْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ إلَى طَالِبِ عِلْمٍ)” [الدر المختار مع رد المحتار: 2 /353 ].
ويدعُو المجلسُ الراغبينَ في صرف زكواتِهم إلى غزةَ إلى المبادرة إلى ذلك، وإخراجِها مِن عهدتِهم إلى الجهةِ التي تتولَّى جمعها، قبلَ يوم الخميس: 27 رمضان؛ ليتأتَّى إيصالُها إلى مستحقّيها في الوقتِ المناسب.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
مجلس البحوث والدراسات الشرعية بدار الإفتاء
السبت 22 رمضان 1446 هـ
الموافق 22-03-2025 م