بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5621)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
هل مِن أسبابِ الطلاقِ للضررِ أنْ يسبَّ الزوجُ أبا زوجته وأمّها، بقوله لأبي الزوجة: يا منافق، ويا كذاب، ويا قليل الأدب، وليس عندكَ دين، ولستَ بشيخ، فهل يجوز للمرأة طلبُ الطلاق لهذا السبب؟
الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أمّا بعد:
فمِن سوءِ العشرةِ الذي يحقُّ معه للمرأة رفع دعوى الطّلاق: دوام واتصال سبّ الزوج إيّاها وشتِمها، أو سبّ أبيها وأهلها، وليس في ذلك حدٌّ يُنتهى إليه، بل بما يعلم أنه ضرر وقع عليها، قال الباجي رحمه الله عن ابن القاسم: “وَإِنَّمَا الْإِضْرَارُ عِنْدِي الْأَذَى بِضَرْبٍ أَوْ اتِّصَالِ شَتْمٍ فِي غَيْرِ حَقٍّ، أَوْ أَخْذِ مَالٍ أَوْ إيثَارٍ، وَفِي الْمَبْسُوطِ عَنْ مَالِكٍ: وَلَيْسَ عِنْدَنَا فِي قِلَّةِ الضَّرَرِ وَكَثْرَتِهِ شَيْءٌ مَعْرُوفٌ وَلَا مَوْقُوتٌ. [قال الباجي] وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَتَقَدَّرُ بِحَدٍّ لَا يَكُون ضَرَرًا حَتَّى يُنْتَهي إلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ مُضِرٌّ بِهَا مِنْ تَكْرَارِهِ أَذَاهُ لَهَا” [المنتقى: 4/64]، فالأمر في المقدار الذي يثبت به الضرر لاجتهاد الحاكم.
وقال الدّردير رحمه الله: “(وَلَهَا) أَيْ لِلزَّوْجَةِ (التَّطْلِيقُ) عَلَى الزَّوْجِ (بِالضَّرَرِ) وَهْوَ مَا لاَ يَجُوزُ شَرْعاً كَهَجْرِهَا بِلَا مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ وَضَرْبِهَا كَذَلِكَ وَسَبِّهَا وَسَبِّ أَبِيهَا، نَحْو: يَا بِنتَ الْكَلْبِ يَا بِنْتَ الْكَافِرِ يَا بِنتَ الْمَلْعُونِ كَمَا يَقَعُ كَثِيراً مِنْ رَعَاعِ النَّاسِ” [الشّرح الكبير: 2/345].
ويكون إثبات ذلك بواحد من أمرين: إمّا شهادة عدلين يشهدان على الزّوج بذلك، وإمّا شهادة سماع شائعة، بأن يشهد اثنان أو أكثر، أنّهم لا يزالون يسمعون من الدّاخل والخارج والأقارب والخادم، أنّ الزّوج يسبّ زوجته أو أباها، ولا بدّ مع شهادة السّماع هذه أن تحلفَ الزّوجة على وقوع ذلك.
وعليه؛ فإذا وقع الضرر على النحو السابق فللمرأة رفع أمرها للقضاء؛ ليطلّق القاضي على الزّوج إن ثبت عنده الضرر، ويأمرَ بتأديبه لِينزجرَ عن فِعلتِهِ، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: (لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ) [الموطأ: 1429]، والله أعلم.
وصلّى الله على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشّريف
الصّادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
04//ذو القعدة//1445هـ
12//05//2024م