طلب فتوى
الإجارةالفتاوىالمعاملات

حكم اشتغال الموظف وقت الدوام بعمل آخر

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

رقم الفتوى (5624)

 

ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:

أعمل في شركة حكومية لمدة 7 ساعات، وأثناء الدوام أعمل متعاونًا في مكتب عقارات، بالتنسيق بالهاتف بين البائع والمشتري، وآخذ على هذا مقابلًا ماليًّا بنسبة مئوية، أستلمها من مكتب العقارات، وذلك بعلم رئيسي المباشر، فما حكم ذلك؟

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد:

فإنَّ الموظفَ في مؤسساتِ الدولة أجيرٌ، قد جعل وقته ومنافعَه كلّها لمستأجره، خلال دوامِه المحدد، وتحديد الدولة لساعات معينة للعمل دليلٌ على اشتراطها أن يكون الموظف متفرغًا، وعدمِ قَبولها اشتغالَه بعمل آخر في نفس التوقيت؛ لكي يحسن الموظف أداءَ عمله ويتقنه.

والموظف قد يشتغل عن عمله بعمل يشبه عمله الأول، أو بعمل لا يشبه عمله الأول، ففي الحالة الأولى يكون ما تحصل عليه الموظف من العمل الثاني للمستأجر، وله أن يسقط من الأجرة بقدر ما ترك الموظف من العمل، قال ابنُ يونس رحمه الله -نقلًا عن ابن القاسم-: “فَإِنْ رَعَى الرَّاعِي مَعَهَا غَيْرَهَا بَعْدَ هَذَا الشَّرْطِ، فَالإِجَارَةُ لِرَبِّ الْأُولَى، وَكَذَلِكَ أَجِيرُكَ لِلْخِدْمَةِ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِكَ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ، فَلَكَ أَخْذُ الأْجْرِ، أَوْ تَرْكُهُ وَإِسْقَاطُ حِصَّةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الأْجْرِ عَنْكَ، وَهَذَا فِيمَا يُشَابِهُ مَا أَجَّرْتَهُ أَوْ يُقَارِبُهُ” [الجامع: 15/465].

وفي حالة اشتغاله بعمل لا يشبه عمله الأول، فلا يكون للمستأجر إلا الإسقاط من الأجرة بقدر إهماله، قال ابن يونس رحمه الله: “وَأَمَّا أَنْ يُؤَاجِرَهُ فِي الرِّعَايَةِ شَهْرًا بِدِينَارٍ، فَيَذْهَبُ يُؤَاجِرُ نَفْسَهُ فِي الْحَصَادِ أَوْ فِي أَمْرٍ مَخُوفٍ يَوْمًا بِدِينَارٍ، أَوْ تُؤَاجِرُهُ يَوْمًا لِخِدْمَتِكَ فِي الْغَزْوِ، فَيَذْهَبُ يُقَاتِلُ فَيَقَعُ لَهُ فِي سُهْمَانِهِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، فَهَذَا وَشِبْهُهُ لاَ يَكُونُ لَكَ إِلاَّ إِسْقَاطُ مَا عَطَّلَ مِنْ عَمَلِكَ مِنْ الأْجْرِ” [الجامع: 15/465].

عليه؛ فلا يجوز الاشتغال متعاونًا مع مكتب العقارات؛ لأنه مخالف لما تم التعاقد عليه، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَوۡفُواْ بِٱلۡعُقُودِۚ﴾ [المائدة:1]، وقال صلى الله عليه وسلم: (الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ إِلَّا ‌شَرْطًا ‌أَحَلَّ حَرَامًا، أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا) [أبوداود:3594]، ويجب على من فعل مثل هذا أن يخصم من المرتب بقدر الساعات التي ضيعها، وينفق هذا المال في المصالح العامة للدولة، ورئيسه الذي أعطاه الإذن لا يملك ذلك بمقتضى اللوائح وهو متعدٍّ، وإذنه كالعدم، والله أعلم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

 

 

 

لجنة الفتوى بدار الإفتاء:

عبد الرحمن بن حسين قدوع

حسن بن سالم الشريف

 

الصادق بن عبد الرحمن الغرياني

مفتي عام ليبيا

05//ذو القعدة//1445هـ

13//05//2024م 

 

 

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق