بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رقم الفتوى (5626)
ورد إلى دار الإفتاء الليبية السؤال التالي:
بعدما بلغتْ زوجتى سِنَّ التكليف، وكان عُمرُها حينها اثني عشر عامًا، ألزمَها أهلها بالفطر في شهر رمضان مِن ذلك العام؛ ظنًّا منهم بعدمِ تكليفها، وقد منعها الحياءُ والجهلُ بأحكام الشرع من إخبارهم، وقد قامت بقضاء ذلكَ الشهر، فهل يلزمُها كفارة عن فطرها؟ وهل هي كفارة واحدة أو متعددة؟ وما هو الحكم إن كانت عاجزة عن إخراجها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فإن فطر المكلَّف في نهار رمضان بغير عذر شرعي، كبيرةٌ من كبائر الذنوب، وذنبٌ عظيمٌ، يجبُ على من فعله المسارعة بالتوبة والاستغفار، وعليه القضاء والكفارة عن كلّ يوم أفطر فيه عند علماء المالكية، وذهبت جماعة من العلماء غير المالكية إلى عدم وجوب الكفارة على من أفطر في نهار رمضان، إلا إذا كان فطره بالجماع، ولا كفارة عندهم على الأكل عمدا، والواجب عندهم هو القضاء دون الكفارة.
ونظرًا لأن التي وقع السؤال عنها كانت صغيرة في أول رمضان من تكليفها، فإنها تُعْذَرُ في ذلك للجهل لصِغَرِ سِنِّهَا، ولا تجب عليها كفارة للأكل في رمضان ذلك العام، وإنما يكفيها قضاء ذلك الشهر دون كفارة، قال ابن رشد الحفيد رحمه الله: “إِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ وَأَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ وَالثَّوْرِيَّ وَجَمَاعَةً؛ ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ، أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ الْمَذْكُورَةَ… وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ إِنَّمَا تَلْزَمُ فِي الْإِفْطَارِ مِنَ الْجِمَاعِ فَقَطْ” [بداية المجتهد: 2/65].
ولا يجوزُ لمَن لزمَه القضاءُ من رمضان، أن يؤخرَ القضاءَ لغير عذرٍ حتى يدخل شهر رمضان الذي يليه، ومَن فعل لزمتهُ كفارةُ التأخير، وهي إطعامُ مسكينٍ مُدًّا من الطعام عن كل يومٍ أَخَّرَ قضاءه لغير عذر، نقل ابن الجلاب عن الإمام مالك رحمه الله قوله: “وَمَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ مِنْ عَامٍ إِلَى عَامٍ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ وَالإِطْعَامُ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا فِي تَأْخِيرِهِ، فَلَا يَلْزَمُهُ إِطْعَامٌ” [التفريع: 1/184].
وعليه؛ فيلزم زوجةَ السائل أن تقضي أيام رمضان الذي أفطرت فيه، وتُعطي كفارةً مقدارَ مُدٍّ عن كل يوم أخَّرَتْ قضاءه، ويجوز إعطاء الكفارة قيمة، وهي أربعة (4) دنانير عن كل يوم، والله أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
لجنة الفتوى بدار الإفتاء:
أحمد بن ميلاد قدور
حسن بن سالم الشريف
الصادق بن عبد الرحمن الغرياني
مفتي عام ليبيا
05//ذو القعدة//1445هـ
13//05//2024م